الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله يخبر الإمام علي عليه السلام عن مستقبله قال الله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا، إلا منْ ارتضى مِن رسول فإنه يسلك مِن بين يديه ومِن خلفه رصدا)(سورة الجن 26 - 27) تحدث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في خطبة له عن فضائل شهر رمضان فقام أمير المؤمنين عليه السلام سائلاً: يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ثم بكى. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي ابكى لما يستحل منك في هذا الشهر كأني بك وأنت تصلى لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربه على قرنك فخضب منها لحيتك. قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله وذلك في سلامه من ديني؟ فقال صلى الله عليه وآله: في سلامه من دينك ثم قال: يا علي منْ قتلك فقد قتلني، ومنْ أبغضك فقد أبغضني، ومنْ سبك فقد سبني لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، ان الله تبارك وتعالى خلقني وإياك، واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة، واختارك للإمامة، فمنْ أنكر إمامتك، فقد أنكر نبوتي يا علي أنت وصيي، وأبو ولدي وزوج ابنتي، وخليفتي على أمتي في حياتي، وبعد موتي، أمرك أمري ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة، وجعلني خير البرية، انك لحجه الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته على عباده (1). قال الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام: لقد خبرني حبيب الله وخيرته من خلقه، وهو الصادق المصدوق عن يومي هذا، وعهد إلي فيه فقال: (يا علي كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس تدعو فلا تجاب وتنصح عن الدين فلا تعان. وقد مال أصحابك، وشنف لك نصحاؤك، وكان الذي معك أشد عليك من عدوك، إذا استنهضتهم صدوا معرضين. وإن استحثثتهم أدبروا نافرين يتمنون فقدك لما يرون من قيامك بأمر الله عز وجل، وصرفك إياهم عن الدنيا فمنهم من قد حسمت طمعه فهو كاظم على غيظه، ومنهم من قتلت أسرته فهو ثائر متربص بك ريب المنون........ حتى يقتلوك مكرا، أو يرهقوك شرا وسيسمونك بأسماء قد سموني بها، فقالوا: كاهن، وقالوا ساحر، وقالوا كذاب مفتر، فاصبر فإن لك في أسوة.) (2) قال الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرق المدينة، فأتينا على حديقة، فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها. ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها. حتى أتينا على سبع حدائق، أقول: يا رسول الله ما أحسنها، ويقول: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلى له الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا، وقال: بأبي الوحيد الشهيد. فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي، أحقاد بدر، وتراث أحد. فقلت: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك، فأبشر يا علي، فان حياتك وموتك معي، وأنت أخي، وأنت وصيي، وأنت صفيي، ووزيري، ووارثي، والمؤدي عني، وأنت تقضي ديني، وتنجز عداتي عني، وأنت تبرئ ذمتي، وتؤدي أمانتي، وتقاتل على سنتي الناكثين من أمتي، والقاسطين والمارقين، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، و لك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك، وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه، وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم، وإن لم يجد أعوانا أنت يكف يده، ويحقن دمه، ولا يفرق بينهم. يا علي، ما بعث الله رسولا إلا وأسلم معه قوم طوعا وقوم آخرون كرها، فسلط الله الذين أسلموا كرها على الذين أسلموا طوعا فقتلوهم ليكون أعظم لأجورهم. يا علي وانه ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ولو شاء الله لجعلهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه، ولا يتنازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله، ولو شاء عجل النقمة، فكان منه التغيير حتى يكذب الظالم، ويعلم الحق أين مصيره. ولكن جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة دار القرار، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. فقلت: الحمد لله شكرا على نعمائه، وصبرا على بلائه، وتسليما ورضا بقضائه)(3). الإمام ينتظر الوعد وينعى نفسه قبل الإغتيال: قال [ أبو ] المؤيد الخوارزمي في كتابه المناقب يرفعه بسنده إلى أبي الأسود الدؤلي أنه عاد علياً في شكوى اشتكاها. قال: فقلت له: قد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكني والله ما تخوفت على نفسي لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول: إنك ستضرب ضربة هاهنا - وأشار إلى رأسه - فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك، يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود (4). لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام)من قتال الخوارج عاد إلى الكوفة في شهر رمضان، وقام في المسجد وصلى ركعتين، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسناء، ثم التفت إلى ولده الحسن (عليه السلام)فقال: يا أبا محمد كم مضى من شهرنا هذا؟ فقال: ثلاثة عشر يا أمير المؤمنين ثم سأل الحسين (عليه السلام) فقال: يا أبا عبد الله كم بقي من شهرنا هذا؟ فقال: سبعة عشر يا أمير المؤمنين. فضرب (عليه السلام)يده إلى لحيته وهي يومئذ بيضاء فقال: والله ليخضبنها بدمها إذ انبعث أشقاها (5). قال ابن الأثير في الكامل قيل من غير وجه !: أن علياً كان يقول: ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه. قال الإمام الحسن بن علي المجتبى عليهما السلام يوم قتل علي: خرجت البارحة وأبي يصلي في مسجد داره فقال لي: يا بني اني بت أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر، فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد (قال: والأود: العوج، واللدد: الخصومات) فقال لي: ادع عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني. فجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه فضربه ابن ملجم فقتله، وقال المسعودي: وقيل: إن عليا لم ينم تلك الليلة، وانه لم يزل يمشي بين الباب والحجرة وهو يقول: والله ما كذبت، ولا كذبت، وانها لليلة التي وعدت فيها (6). أغتيل الإمام علي عليه السلام سنة 40 من الهجرة في شهر رمضان، ضرب ليلة تسع عشرة ليلة الأربعاء، و قبض ليلة الجمعة، ليلة إحدى وعشرين، فكانت مدة خلافته خمس سنين إلا نحوا من أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر لأنه بويع لخمس بقين من ذي الحجة سنة 35 هـ (7). اينْ كان حراس الإمام عليه السلام؟ في جواهر المطالب لأبن الدمشقي عن سفيان بن عيينة قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخرج بالليل إلى المسجد، فقال ناس من أصحابه: نخشى أن يصيبه بعض عدوه، و لكن تعالوا نحرسه فخرج ذات ليلة فإذا هو بنا فقال: ما شأنكم؟ فكتمناه فعزم علينا فأخبرناه فقال: تحرسونني من أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قلنا: من أهل الأرض. قال: إنه ليس يقضي في الأرض شئ حتى يقضي في السماء (7). |