الشيعة الإمامية هم الفرقة الناجية :
إن كل عالم منصف يرى أن الأدلة القطعية تأخذ بالأعناق إلى اتباع مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام ، دون غيره من المذاهب ، والأحاديث الصحيحة دلت بأجلى بيان على ما عليه الشيعة الإمامية . ولنا أن نستدل على حقية مذهب الشيعة الإمامية بعدة أدلة :
الدليل الأول : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر الأمة بأن النجاة منحصرة في التمسك بالكتاب وأهل البيت عليهم السلام بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : إني تارك فيك ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
ولا ريب في أن أهل السنة والمعتزلة والخوارج وغيرهم من الطوائف لم يتمسكوا بأهل البيت عليهم السلام ، فوجب بمقتضى الحديث وقوعهم في الضلال ، وأما الشيعة الإمامية فاتبعوهم واتخذوهم أئمة ، فكانوا بذلك هم الناجين دون غيرهم .
وقد أشبعنا الكلام في حديث الثقلين وطرقه وبيان صحة سنده في الفصل الثالث ، فراجعه .
-
الدليل الثاني : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر في أحاديث صحيحة مر بيانها في الفصل الأول من هذا الكتاب أن الخلفاء الذين يكون الدين بهم قائما وعزيزا ومنيعا وأمر الناس بهم صالحا هم اثنا عشر خليفة ، كلهم من قريش .
وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين أن الواجب على الأمة هو اتباع أهل البيت عليهم السلام والتمسك بهم لئلا تقع في الضلال ، فبضم هذه الأحاديث إلى تلك يعلم أن الخلفاء الاثني عشر لا بد أن يكونوا من أهل البيت عليهم السلام .
ونحن نظرنا في المذاهب فلم نجد طائفة تعتقد باثني عشر إماما فقط ، سواء كانوا من أهل البيت أم من غيرهم ، إلا الشيعة الإمامية . فبهذا يكونون هم الناجين دون غيرهم .
الدليل الثالث : أنا قد بينا في الفصل السادس أن أهل السنة في هذا العصر وما قبله وغيرهم لم يبايعوا إماما واحدا لهم ، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نص على أن من مات وليس في عنقه بيعة فميتته جاهلية ، فتكون كل الطوائف مشمولة
بهذا الحديث ، فلا يمكن أن يكونوا ناجين وهم موصوفون بهذه الصفة . وأما الشيعة الإمامية فلهم إمام واحد معصوم منصوص عليه كما مر في الفصل السادس مفصلا ، فبذلك يكونون هم الناجين دون غيرهم .
الدليل الرابع : أن أحكام الشريعة عند أهل السنة اعتراها التغيير والتبديل ، فلم يبق منها شئ كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد مر تفصيل ذلك في الفصل الخامس ، فحينئذ لا يمكن أن يكونوا هم الناجين وشرائع دينهم محرفة ،
فيكون الناجون هم الشيعة الإمامية ، لاتفاق السنة والشيعة على أن غير هاتين الطائفتين ليس بناج ، فإذا انتفت نجاة إحداهما ثبتت نجاة الأخرى .
الدليل الخامس : أن خلافة أبي بكر وعمر التي ارتكز عليها مذهب أهل السنة لم نعثر على دليل واحد يصححها كما أوضحناه في الفصل الثاني ، وحيث أن أساس الخلاف بين مذهب الشيعة وأهل السنة هو مسألة الخلافة ، وأن كلا من المذهبين قائم
على ما أسسه في مسألة الإمامة ، فإذا ثبت بطلان خلافة أبي بكر وعمر ، فلا مناص حينئذ من ثبوت بطلان مذهب أهل السنة المبتني عليهما ، فيثبت صحة مذهب الإمامية لعين ما قلناه في الدليل الرابع .
الدليل السادس : أن الأحاديث التي رواها أهل السنة صرحت بنجاة الشيعة ، بينما لم يرووا في كتبهم أحاديث تدل على نجاتهم هم . ومن تلك الأحاديث ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة .
وأخرج السيوطي في الدر المنثور والشوكاني في فتح القدير عن ابن عساكر ، قال : عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل علي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة . ونزلت ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) ، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل علي قالوا : جاء خير البرية ( 1 ) .
وعن ابن عباس قال : لما نزلت ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ( 2 ) .
وعن علي عليه السلام قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع قول الله
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) أنت وشيعتك . وموعدي وموعدكم الحوض ، إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين ( 1 ) .
وأخرج الطبري في تفسير الآية المذكورة عن محمد بن علي : ( أولئك هم خير البرية ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنت يا علي وشيعتك ( 2 ) .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : يا علي ، إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ، ويقدم عليه عدوك غضاب مقمحين ( 3 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام : أنت وشيعتك تردون علي الحوض ( 4 ) .
وقال : أنت وشيعتك في الجنة ( 5 ) .
قال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا : إن أول أربعة يدخلون الجنة : أنا وأنت والحسن والحسين ، وذرارينا خلف ظهورنا ، وأزواجنا خلف ذرارينا ، وشيعتنا خلف أيماننا وشمائلنا ( 6 ) .
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تؤدي هذا المعنى .
الخميس يونيو 06, 2013 12:31 pm من طرف زينب العلوية