الشيعة في أندونيسيا
يعود تاريخ الوجود الشيعيّ في أندونيسيا إلى القرن الرابع الهجريّ، ويتّضح من الشواهد الباقية على قبور المسلمين في أندونيسيا أنّ فرار الشيعة العلويّين تجاه بلاد الشرق بحثاً عن مكان آمن من الأدلّة على رسوخ التشيّع في تلك الديار.
ومن أهمّ العلويّين الذين هاجروا إلى أندونيسيا أحمد بن عيسى بن محمّد بن عليّ بن الإمام جعفر بن محمّد عليهما السّلام، الذي حطّ رحاله في هذه البلاد سنة 317 هـ، حيث حلّ ومَن معه من المهاجرين في الجزائر التي تُعرف حاليّاً بـ « ملايا »، و « اندونيسيا »، و « الفليبين » وجزائر سليمان، وقد تمكّن هؤلاء المهاجرون من إقامة صِلات وثيقة مع أهالي تلك الجُزر، مكّنتهم من الاحتفاظ بمقاماتهم ونفوذهم، وما يزال المنتسبون إلى اولئك يحظون باحترام ومقام خاصَّين.
ومن أهم الآثار الشيعيّة في هذه البلاد: إقامة مراسم العزاء في عاشوراء، ويسمّونها هناك اصطلاحاً بـ « سورا ».
ويُلاحظ أنّ السيوف القديمة الموجودة في البلاد المذكورة تحمل عبارة « لا فتى إلاّ عليّ لا سيف إلاّ ذو الفقار »، كما يُلاحظ أن مراسم عيد الغدير ما تزال تُقام في بعض المناطق إلى يومنا هذا.
ويذكر التاريخ أنّ الشيعة المتواجدين في هذه المناطق قد أبدوا مقاومة شديدة أمام الغزو الذي تعرّضت له المناطق المذكورة من قِبل المستعمرين الهولنديّين، وأنّهم واجهوا ـ جرّاء هذا الأمر ـ مشكلات كبيرة.
وقد استعاد الشيعة في هذه المناطق قدرتهم خلال القرن الأخير المنصرم، فظهر من بينهم عدد كبير من العلماء الأجلاّء المعروفين. وفي « دائرة المعارف الشيعيّة » معلومات مفصّلة نسبيّاً عن أسماء العوائل الشيعيّة، وأسماء العلماء ونشاطاتهم.
ومن المناطق الشيعيّة في اندونيسيا منطقة « اجيه » الواقعة في شمال سومطرة، التي انتشر منها الشيعة إلى كثير من المناطق المجاورة. وتشير الشواهد الموجودة في المقابر القديمة في تلك المنطقة إلى أنّ جملة « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله عليّ وليّ الله » قد نُقشت على صخور تلك القبور.
وتمتاز مدينة « كوالا » بأنّ سكّانها قاطبة هم من الشيعة، وبوجود جامعة شيعيّة فيها تدعى بـ « جامعة كوالا » (1).
ومن المناطق الشيعيّة الأخرى منطقة « برلاك » التي سبق لها أن كانت لها حكومة شيعيّة (2).
ويلزمنا أن نذكر بأنّ التشيّع في هذه المناطق لم يَبْقَ منه في عصرنا الحاضر إلاّ الرسوم والشعائر، وأنّ الوجود الشيعيّ الضخم في المناطق المذكورة لم يبق منه إلاّ وجود بسيط، لا يتعدّى عدد أفراده بضعة آلاف نفر ليس لهم جماعة مذهبيّة مستقلّة، ولا يتجاوز نشاطهم الثقافيّ أمر تشخيص هويّتهم المذهبيّة، وخاصّة العوائل العلويّة التي حافظت على سماتها وخصائصها.
-----------------------------------------------
الهوامش:
1-2 دائرة المعارف الشيعية