[b][center]مقتل حجر الكندي
وفي سنة ثلاث وخمسين قَتَلَ معاوية حُجْرَبن عدي الكِنْدِيَّ، وهو أولى من قتلصبراً في الِإسلام: حملة زياد من الكوفة ومعه تسعةُ نَفَرِ من أصحابه من أهل الكوفة وأربعة من غيرها، فلما صار على أميال من الكَوفة يراد به دمشق أنشأت ابنته تقول، ولا عقب له من غيرها:
تَرَفَعْ أيها القمر المنير ... لعلك أن ترى حُجْراً يسير
يسير إلى معاوية بن حرب ... ليقتله، كَذَا زَعَمَ الأمير
وَيَصْلبه عَلَى بَابَيْ دمشق ... وتأكل من مَحَاسِنِه النسور
تخيرت الخبائر بعد حُجْر ... وَطَابَ لها الخورنق والسَّدِير
ألا يا حجرحجربني عدي ... تلقتك السلامة وَالسرُور
أخاف عليك ما أردى عليا ... وَشَيْخاً في دمشق له زئير
ألا يا ليت حجراً مات موتاً ... ولم يُنْحَركما نحر البَعِير
فإن تهلك فكل عَمِيد قَوْم ... إلى هُلْكٍ من الدُّنْيَا يَصِير
ولما صار إلى مرج عفراء على اثني عشر ميلاً من دمشق تقدَّم البريد بأخبارهم إلى معاوية، فبعث برجل أعْوَر، فلما أشرف على حُجْر وأصحابه قال رجل منهم: إن صدق الزَّجْر فإنه سيقتل مِنَّا النصف وينجو الباقون، فقيل له: وكيف ذلك. قال: أما ترون الرجل المقبل مُصَاباً بإحدى عينيه، فلما وصل إليهم قال لحجر: إن أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولي لأبي تراب وقتل أصحابك، إلا أن ترجعوا عن كفركم، وتلعنوا صاحبكم وتتبرؤوا منه، فقال حُجْر وجماعة ممن كان معه: إن الصبر على حد السيف لأيْسَرُ علينا مما تَدْعُونَا إليه، ثم القدوم على اللّه وعلى نبيه وعلى وصيه أحَبُّ إلينا من دخول النار، وأجاب نصف من كان معه إلى البراءة من علي، فلما قُدِّمَ حجر ليُقْتل قال: دعوني أصلي ركعتين، فجعل يطول في صلاته، فقيل له: أجَزَعاً من الموت؟ فقال: لا، ولكني ما تطهرت للصلاة قط إلا صليت، وما صليت قط أخَفَّ من هذه، وكيف لا أجزع، وإني لأرى قبراً محفوراً، وسيفاً مشهوراً وكَفَناً منشوراً، ثم تقدم فنحر، وألحق به من وافقه على قوله من أصحابه، وقيل: إن قتلهم كان في سنة خمسين.
http://www.blogger.com/blogger.g?blogID=1969535620463357595#allposts