- قبيصة بن ربيعة العبسي
. وسماه بعضهم ابن ضبيعة - بدل ربيعة - وهو الشجاع المقدام الذي صمم على المقاومة بسلاحه وبقومه ، لولا أن صاحب الشرطة آمنه على دمه وماله ، فوضع يده في أيديهم ، ايمانا ببراءة " الأمان " الذي كان لا يزال متبعا لدى العرب فضلا عن أهل الاسلام ، ولولا أن الخلائق الاسلامية والعربية معا ، كانت قد تبخرت عند القوم ، أو انهم كانوا قد فهموها على أنها وسائل للغلبة والبطش فحسب ! . وأحضر ابن ضبيعة العبسي لزياد فقال له : " اما والله لأجعلن لك شاغلا عن تلقيح الفتن والتوثب على الامراء ! ! " [ انظر إلى المنفذ الضيق الذي ينظر منه الأقوياء ] ، قال : " اني لم آتك الا على الأمان " ، قال : " انطلقوا به إلى السجن " . ثم كان بعد ذلك في الركب المثقل بالحديد الذي يسار به إلى القتل صبرا . وفي الحديث : " من آمن رجلا على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وان كان المقتول كافرا ( 1 ) " . ومروا به - ولما يخرجوا بالقافلة من الكوفة - على داره فإذا بناته مشرئبات اليه يبكينه ، فقال للحرسيين وائل وكثير : " إئذنا لي فأوصي إلى أهلي " ، فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن - ساعة - ، ثم قال لهن : " اسكتن " ، فسكتن ، فقال : " اتقين الله عز وجل واصبرن فاني أرجو من ربي في وجهي هذا احدى الحسنيين : اما الشهادة وهي السعادة ، واما الانصراف ليكن في عافية . وان الذي يرزقكن مؤونتكن هو الله تعالى ، وهو حي لا يموت [ انظر إلى النفس الملائكية في اهاب البشر الانساني ] أرجو ان لا يضيعكن ، وأن يحفظني فيكن " . ثم انصرف . وباتت الأسرة اليائسة الولهى ( كما يشاء معاوية ) تخلط البكاء بالبكاء ، وتصل الدعاء بالدعاء ، وكم لبنات قبيصة يومئذ من أمثال . قال الطبري : " ووقع قبيصة من ضبيعة في يدي أبي شريف البدي فقال له قبيصة : ان الشر بين قومي وبين قومك آمن فليقتلني سواك ، فقال : برتك رحم ! ثم قتله القضاعي ! " . أقول : وأي نفس قوية هذه التي تنتبه في مثل هذه اللحظة إلى الحؤول دون الشر بين القومين والاحتياط على الاصلاح .
الإثنين أكتوبر 22, 2012 4:34 am من طرف عاشق الحسين