الثالث والعشرون من شهر صفر ذكرى
وفاة السيدة فاطمة بنت أسد أم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
· اسمها :
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، من مكة إلى المدينة على قدميها.
· إيمانها :
كانت فاطمة بنت أسد صُلبةَ الإيمان، لا تتزحزح عن توحيد الله المتعال، لم تركع لصنمٍ لا يقدر على استجلاب النفع لنفسه ولا الإضرار بها، ظلت مرفوعة الرأس في الامتحان الذي خسر فيه الكثيرون، لم تأكل ممّا ذُبح على الأنصاب، فآلَ ذلك إلى طهارة روحها وجسدها، واستحقّت شرف ولادة مولى الموحّدين أمير المؤمنين عليه السلام.
· زواجها :
مرّت على فاطمة بنت أسد في أحد أيّام مكّة الحارّة لحظات حسّاسة لا تُنسى، لحظات تمرّ بها جميع الفتيات في مثل هذه المرحلة من العمر، فقد تقدّم لخطبتها شابّ مؤمن موحّد يُدعى : ( أبو طالب )، شاب ينحدر من سلالة كريمة ومَحتِد أصيل.
وقيل لها بأنّ جدّه هو : ( عبد المطّلب )، ومَن مِن فتيات مكّة - فضلاً عن رجالها - لم يَقرَع سمعها اسمُ عبد المطّلب، ومَن منهنّ لم تبلغها جلالة قدره وكرم نسبه.
· عنايتها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم :
عُرف عنها أنّ أبا طالب لمّا أتاها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاة عبد المطّلب وقال لها : اعلمي أنّ هذا ابنُ أخي، وهو أعزّ عِندي من نَفسي ومالي، وإيّاكِ أن يتعرّض علَيه أحدٌ فيما يريد، فتبسّمت من قوله وقالت له : توصيني في وَلدي محمّد، وإنّه أحبُّ إليّ من نفسي وأولادي ؟!!.. ففرح أبو طالب بذلك.
وبعدها اعتَنَت فاطمةُ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عناية فائقة، وأولَتْه رعايتها وحبّها، وكانت تُؤثِره على أولادها في المطعم والملبس، وكانت تغسّله وتدهن شَعره وتُرجّله، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحبّها ولا يناديها إلاّ بـ( أمّي ).
· منزلتها :
فاطمة بنت أسد من جملة أولياء الله المقرّبين الذين شفّعهم في قوله عزّ من قائل : ﴿ ولا تَنفَعُ الشفاعةُ عِنَدهُ إلاّ لِمَن أَذِنَ له ﴾، وقد نالت هذه السيّدة الجليلة هذا المقامَ الرفيع في الدنيا، وعُدّت في الآخرة في عداد الشفعاء الذين يَشفَعون فيُشفّعهم الله تعالى.
ولم تَنَل بنت أسد مقام الشفاعة السامي إلاّ في ظِلّ متابعة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم، والتنزّه عن عبادة الأصنام، والثبات في توحيد الله عزّ وجل، وقد برهنت هذه المرأة أنّ المخلوق الضعيف يمكنه أن يرقى في الكمالات، وأن يصون نفسه أمام سيل الحوادث والبلايا، متمسّكاً بعبادة الواحد الأحد الذي لا شريك له.
ومن الذين آمنهم الله تعالى من نار جهنّم فاطمة بنت أسد، فقد روي عن سيدنا ومولانا أبي عبدالله الإمام جعفر الصادق المصدق عليه السلام : " أنّ الله تعالى أوحى إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّي حرّمتُ النارَ على صلبٍ أنزَلَك، وبَطنٍ حَمَلَك، وحِجرٍ كَفَلَك، وأهلِ بيتٍ آوَوك ".
فعبدُ الله بنُ عبد المطّلب الصُّلب الذي أخرجه، والبطن الذي حمله آمنة بنت وهب، والحِجر الذي كفله فاطمة بنت أسد، وأمّا أهل البيت الذين آوَوه فأبو طالب.
ولقد رَعَت فاطمة بنت أسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صِغره، ورَبَّته، وحَنَت عليه حُنوَّ الأم الشفيق على ولدها، فجزاها الله تعالى عن حُسن صنيعها في نبيّه الكريم بأنْ حرّم عليها النار.
· وفاتها :
نقل المؤرّخون أن وفاتها كانت في السنة الثالثة - أو الرابعة - من الهجرة النبويّة، ودُفنت في المدينة المنوّرة بأرض البقيع، وكان لها عند وفاتها 65 عاماً تقريباً.
وكفنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يَزَل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها، ثمّ وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثمّ قام فأخذها على يَدَيه حتّى وَضَعَها في القبر، ثمّ انكبّ عليها طويلاً يُناجيها ويقول لها : " ابنكِ ابنكِ "، ويلقّنها الولاية لإكمال إيمانها رضوان الله تعالى عليها.
الأربعاء يناير 18, 2012 3:51 am من طرف فاضل جابر محمد الذبحاوي