إن الفساد الأخلاقي والانحراف الموجود لدى الشباب حالة سلبية أكيداً , والمؤمن الرسالي لا يرضى بوجودها في المجتمع، ويعمل على إزالتها ومعالجتها، لكنه إذا لم يستطع ذلك فإنه لا يدخله اليأس والاحباط وترك العمل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه أولاً وقبل كل شيء يؤدي وظيفته امام الله تبارك وتعالى وحجته على خلقه، ولأن النتائج ليست بيده وإنما هي بيد مسبّب الأسباب ومدبر الأمور، وللثقة بنصر الله تعالى ووعده بغلبة الحق (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) وفي حديث لأمير المؤمنين (عليه السلام) (قليل من الحق يغلب كثيراً من الباطل، كما ان قليلاً من النار تأكل كثيراً من الحطب).
بل ان المؤمن يرى وجود مثل هذه الحالات فرصة للطاعة، ولو لم توجد فإن باباً من أبواب الطاعة سيكون مغلقاً، فالفقر مثلاً الذي هو حاله مرضية في المجتمع ونسعى بكل جهد لتخليص الناس منها، بحيث ينسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: لو كان الفقر رجلاً لقتلته، لكنه في نفس الوقت موضوع لطاعات عديدة من البر والاحسان فإذا لم يوجد فقير – كما في أخبار الظهور الميمون أن أحدكم يجوب البلدان بصدقته ليجد مستحقاً لها فلا يجد – فهذا يعني عدم وجود فرصة لهذه الطاعات، فهذه الحالة السلبية تحوّلت إلى حالة مُحرّكة ومحفّزة للعمل ودافعة للإصلاح والتغيير.
وهكذا ننظر إلى كل الحالات السلبية بأنها ابتلاء وامتحان من الله تعالى لعباده ليميز المحسن من المسيء، والعامل من غير العامل حتى يأخذ كل إنسان استحقاقه كما ان امتحاناتكم في الجامعات والمدارس تترتب عليها هذه الآثار، قال تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وقال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) .
وبنفس الوقت هي محرّكات ومحفزات للعمل الاصلاحي وتوجد فرصاً للطاعة، وبهذه النظرة سنخرج من حالة التذمّر والاحباط إلى حالة العمل النشيط المبارك بإذن الله تعالى .
السبت مارس 03, 2012 12:31 pm من طرف فاضل جابر محمد الذبحاوي