أنشودة رمزية
أي صديقي لقد حانت الساعة التي ينساب فيها شعاع الفجر الشاحب بين نجوم الشرق
وكل من سيستيقظ بدا يتحرك وينتفض في خدر النوم وملابسه الرثة
ستشرق شمس المثالية على كفاحك الذي استأنفته هنالك في السهل ,حيث المدينة التي نامت منذ أمس مازالت مخدرة
ستحمل إشعاعات الصباح الجديد ظل جهدك المبارك,في السهل الذي تبذر فيه ’بعيدا عن خطواتك .
وسيحمل النسيم الذي يمر الآن البذور التي تنثرها يداك ...بعيدا عن ظلك.
ابذر يا أخي الزارع .من اجل أن تذهب بذورك بعيدا عن حقلك .في الخطى التي تتناءى عنك ...في عمق المستقبل
هاهي بعض الأصوات تهتف .الأصوات التي ايقضتها خطواتك في المدينة .وأنت منقلب إلى كفاحك الصباحي .وهؤلاء الذين استيقضو بدورهم .ستلتئم شملهم معك بعد حين
غني يا أخي الزارع لكي تهدي بصوتك هذه الخطوات التي جاءت في عتمة الفجر .نحو الخط الذي يأتي من بعيد.
وليدوي غناؤك البهيج .كما دوى من قبل غناء الأنبياء في فجر آخر .في الساعات التي ولدت فيها الحضارات
وليملا غناؤك أسماع الدنيا .اعنف وأقوى من هذه الجوقات الصاخبة التي قامت هنالك.
هاهم اؤلاء ينصبون ألان على باب المدينة التي تستيقظ .السوق وملاهيه لكي يميلو هؤلاء الذين جاؤو على إثرك .ويلهوهم عن ندائك.
وهاهم أولاء قد اقامو المسارح والمنابر للمهرجين والبهلوانات .لكي تغطي الضجة على نبرات صوتك .
وهاهم أولاء قد اشعلو المصابيح الكاذبة لكي يحجبوا ضوء النهار .ولكي يطمسوا بالظلام شبحك في السهل الذي أنت ذاهب إليه.
وهاهم أولاء قد جملو الأصنام ليلحقوا الهوان بالفكرة
ولكن شمس المثالية ستتابع دون تراجع .وستعلن قريبا انتصار الفكرة وانهيار الأصنام .كما حدث يوم تحطم هبل في الكعبة.
عن كتاب شروط النهضة للمفكر الجزائري مالك بن نبي