اللهم صلّ وسلم على محمد وآل محمد
بقلم: أ. يوسف السالم
24-3-2011
حالة من التوجّس والترقب ومشاعر أخرى مختلطة تعبر عنها عيون الكثيرين ممن أعرفهم. أنظار الجميع مشدودة نحو البحرين والكل يتساءل صراحة أو ضمناً.. متى سيأتي الدور علينا؟ ماذا لو حدث في الأحساء والقطيف كما يحدث في البحرين؟ ماذا لو خرج الناس أو بالأحرى لو استمر الناس بالخروج لطلب الإصلاحات. لقد وصلنا خبر تحريم المظاهرات ومنعها ورغم ذلك خرج من خرج. وهآ نحن نعلم بوجود أوامر بقتل المتظاهرين دون أن تأخذهم في "الطائفية" لومة لائم. ووصلنا خبر الدبابات والمدرعات واستنفار الأمن في القطيف وكأن أهلها يعدّون لحرب ما!!. فماذا تخبأ لنا الأيام القادمة أكثر من ذلك؟
لست أدري إن كان أهل القطيف جاهزون للتعامل مع هذا الزحف عليهم بالطريقة السلمية الصحيحة. ولا أدي إذا كانوا سيلتزمون بالحكمة ولن يخرجوا هذه الجمعة حقناً للدماء. لكني لست قلقاً كثيراً عليهم إذ أنهم اعتادوا على المظاهرات والمواجهات من قبل أن تنجبني والدتي، وليتها لم تفعل كي لا أرى ما يحدث وما سيحدث من فجائع. قلقي هو على الأحسائيين، فأهلنا هنا اشتهروا بطيبة القلب والوداعة، بالصبر وتحمل الظلم والمعاناة، بل حتى "الدوس" على مصالحهم من أجل استمرار الحياة. كتموا أحزانهم وآلامهم ولم يتكلموا حتى في بيوتهم عنها لأن "الجدران لها أذان". طيبين أحياناً لدرجة السذاجة وكريمين حتى مع المخالفين لهم في المذهب. ولربما سمّوا أشهر التمور لديهم بـ"الخلاص" إشارة إلى شدة إخلاصهم لبعضهم أو خلاص نفوسهم من الشرور.
لست بحاجة لأن أستدل على صدق وصفي بذكر الكثير عن الأحسائيين فهم أشهر من نار على علم. ولكن يكفي إشارة إلى الضغوطات التي مورست عليهم من أمير الأحساء "بدر بن جلوي" في السنوات الأخيرة لأثبت وجهة نظري. فرغم إغلاقه لبعض مساجدهم وقطع الكهرباء عن أخرى إلا أنهم أعطوه الفرصة بعد الفرصة وتحملوا تخريبه لمناسباتهم واحتفالاتهم ثم ملاحقته لهم وسجنه لأطفالهم قبل شبابهم وشيّابهم. تحملوا منه الكثير من الأذى وصبروا حتى لم يجد البعض منهم حرجاً في حضور معارض أو ندوات برعايته وبوجوده حاضراً معهم أملاً في أن يفهم بأنهم مسالمين ومتسامحين، متجاهلين بأنه في الوقت الذي يبتسم لحضورهم ويبتسمون له يصرُّ هو على إبقاء إخوانهم في سجونه ويعدهم صراحة بملء تلك السجون منهم. ليتني أعرف مصطلحاً مناسباً يصف هذه النفسية المعقدة لأهلنا وإني لشديد الحيرة بين "طيبة القلب" و "السذاجة".
بقيت الأحساء صامتة لا صوت لها سوى في بعض مواقع الانترنت بمقالة هنا أو مقطع فيديو هناك. واستمر الوضع هكذا إلى ما قبل بضعة أسابيع حين بدأت بعض القلوب تخفق بسرعة في صدور أصحابها مستجيبة للثورات العربية ومعلنة نهاية حدود الصبر. لقد أعطوا ما فيه الكفاية وسالموا بما فيه الكفاية فإلى متى؟
أيام كالحة السواد تنتظرنا وفتنة لا تبقي ولا تذر. ولمواجهتها على المسئولين أن يستيقظوا ويحاولوا إيجاد الحلول المناسبة بل والاستباقية لأي مشاكل حالية أو متوقعة، عليهم أن يصحوا من سباتهم لأن الناس خنقها الظلم.
من الواجب على الجميع أن يفتحوا أعينهم جيداً وأن يلبسوا المناظير إذا دعت الحاجة وأن يحرصوا على أن لا يثور بركان الطائفية البغيضة بينهم، لأن ذلك سيُسعد الكثير من خفافيش الظلام وقانصي الأحلام من أبناء بوش وأحفاده، والذي رحل من المنطقة تاركاً لنا في كل مكان ورثة مستعدين لإكمال مسيرته بالحديد والنار. إنهم جاهزون جيداً بالعدة والعديد وينتظرون الفرصة لينقضوا كالذئاب المفترسة على شبابنا.
إن من مسؤولية الجميع أن يتكلموا وبصوت عال يُسمع من به صمم ويقولون بأننا إخوان في هذا الوطن، إن ظلم أخ لنا دافعنا عنه حتى يسترد حقوقه من أي طائفة كانت ومن أي شخص كان مهما علا منصبه. ومن الواجب علينا الحذر كل الحذر من الدماء فقطرة واحدة منها تُسفَك بلا وجه حق من شأنها أن تطلق نيراناً من الغضب تأكل من أشعلها ولن يستفيد أحد منها سوى مصاصي الدماء.
صراحة لا أتمنى خروج المظاهرات في هذه الأيام ليس خوفاً وإنما ثقة بأن حكومتنا ليست ناضجة كفاية وليس لديها الصبر المطلوب للتعامل مع المتظاهرين بسلمية. ولكن لو خرج الناس فسيكون خيار عدم المشاركة مستبعد لدى الكثير منهم، ففي أعماق أرض الأحساء آبار مدفونة ليست من نفط ولا ماء.
بواسطة مجموعة لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الجمعة مارس 25, 2011 12:06 pm من طرف ????