سعيد الشهابي
ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون"
سقط النظام الخليفي في اليوم الذي بدأ الاحتلال السعودي، وهو سقوط مروع وأبدي بعون الله تعالى. انتهى عهد الظلم والاجرام والقمع، وحقت كلمة العذاب عليه، فلن ينقذه منه شيء بعد اليوم. تكلم الشعب فسقط ذلك النظام الخائر، وراح رموزه يجرون اذيال الخيبة والمهانة. استعانوا على الشعب الاعزل بالاجنبي، فجاء مدججا بالاسلحة والجنود التي لم يوجهها جنوده يوما الى اعداء الامة الحقيقيين، فانحصرت تجربته بضرب الثوار، في اليمن اولا، وفي البحرين اليوم. جاؤوا الى شعب ثبت الله قلبه على الايمان والصبر، فاذا بهم يواجهون شعبا أبط منهم جأشا وأثبت قدما، فارتد كيدهم في نحورهم وباؤوا بالهزيمة التي لم يتوقعوها: وظنوا انهم مانعتهم حصونهم فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب". فها هو العالم يقف مع شعب البحرين، يحييه وينحني اجلالا لصمود شبابه، يمجد شهداءه، ويصافح مناضليه، ويعانق روحه الثائرة، ويحتضن قادته المرتهنين لدى العدو، ويهتف بحريته، ويطالب بانعتاقه من العهد الخليفي الاسود الذي اصطبغ بالدماء والظلم والعهر والفساد.
كبير أنت أيها الشعب العملاق، تصاغر جلادوك امامك، فانسلخوا من آدميتهم واصبحوا وحوشا كاسرة، همها القتل وسفك الدم وهتك الاعراض. فرق كبير بين شاب ينزع قميصه ويتقدم نحو دبابات الاحتلال بروح استشهادية عملاقة، وجنود مدججين بالسلاح يخفون وجوههم بالخوذ والاقنعة. هذا بطل حر أبي، وذاك عبد حقير يسترزق على موت الآخرين. وشتان بين شباب ثورة 14 فبراير الذين يخاطبون العالم بإباء وكبرياء، ويكشفون هوياتهم للناس بطولة واستبسالا، يستنشقون عبير الحرية بكسر الاغلال، وأشباه رجال يختفون وراء الاقنعة، ملثمين يخشون كشف وجوههم للملأ بسبب جبنهم وارهابهم ووحشيتهم. صور رآها العالم، فعبر بموقفين مختلفين: دعم مطلق لشباب الثورة، وشجب بدون حدود لسفاحي آل خليفة وأسيادهم.
جاء المحتلون... عبروا الجسر رافعين شارات النصر، فكأنهم فتحوا قلاع العدو ودكوا حصونه، وتوجهوا بجهلهم وحقدهم وتفاهة زعمائهم لارهاب بشر لم يعرف الخوف ولم يخش طاغية، ولم يرهبه فرعون وجنوده. التقى الفريقان في ميدان اللؤلؤة، وحسمت المعركة في وقت قصير، وظن المحتلون (السعوديون والخليفيون) انهم قضوا على ارادة شعب البحرين وكرامته، ولكن سرعان ما اكتشفوا الحقيقة، فقد سقط ا لمعتدون وانتصر الضحايا. سقطوا في عيون المواطنين، وفي اذهان المراقبين الاجانب، وامام الرأي العام العالمي، واكتشفوا فجأة انهم أخطأوا التقدير ودخلوا في نفق مظلم لن يخرجوا منه الا بعد ان يتكبدوا هزيمة منكرة على ايدي اهل الحق ودعاة الخير ورموز الايمان والعلم والصلاح والشجاعة. لم تكن صورة الشهيد أحمد فرحان آل فرحان الذي مزقه حقد الاحتلال السعودي والخليفي الا عنوان التضحية والفداء، وشارة النصر وبوابة الولوج الى المجد الذي لا يضاهى. ها هو واحد من شباب 14 فبراير يقول وقد عقد العزم على التصدي للاحتلال: قد أفوز بشرف الشهادة - كما غيري - على أيدي الطواغيت والقتلة في هذه الثورة المباركة، ووصيتي أن اطردوا آل خليفة من البحرين. هل يهزم هذا الشاب وهو الذي يعتقد بانه منتصر في حياته او استشهاده؟ هل يخشى الخليفيين المجرمين من نزع من قلبه الخوف وسار على هدى اسلافه المنتصرين؟ يقول الاستاذ المرتهن، حسن مشيمع: اننا مستعدون لندفع ثمن حريتنا وكرامتنا وعزتنا، فنحن على طريق الحسين (ع)مستعدون للموت والشهادة من أجل نيل حريتنا وكرامتنا وعزتنا". وعندما فرض المحتلون السعوديون و الخليفيون احكام الطواريء، ظنوا ان البحرانيين سوف يلوذون بالفرار، ولكن سرعان ما استعادوا قوتهم وحزموا امرهم، وتحدوا الاحكام العرفية وتظاهروا وهم يتحدون الاحتلال، يوارون شهداءهم، ويستعيدون حقهم في التعبير والتظاهر، برغم أنوف الطغاة.
عمالقة أنتم ايها المجاهدون الابطال، ولذلك يخشاكم الاقزام، ويفر منكم المحتلون. لقد اشتاطوا غضبا وامتلأوا حقد، فراحوا يخربون ميدان الشهداء، ويحطمون رمز اللؤلؤة لانها توثق تاريخكم الغابر والحاضر. فهي تذكركم بآبائكم الذين ركبوا البحر واصطادوا اللؤلؤ قبل ان تدنس ارضكم أقدام المحتلين، وتسجل كذلك تاريخ ثورتكم التي بهرت العالم وهزمت آل خليفة، فصبوا حقدهم في الليالي السوداء عدوانا وقتلا. فلم يتركوا وسيلة موت الا استعملوها: الرصاص الحي والطلقات المطاطية والغازات السامة والسيوف والفؤوس والعصي وقطع الحديد. استعملوا ضدكم طائرات "أباتشي" الامريكية، فما شعروا بالامن، ونشروا الدبابات وناقلات الجنود في كل زاوية، ونشروا فرق الموت في القرى والمدن، فما النتيجة؟ لقد اصبحوا هم المحاصرين في بيوتهم، يغردون خارج السرب، بينما تتحدث وسائل الاعلام الحرة عن بطولاتكم، وتشجب عدوانهم، وتطالب بانتهاء احتلالهم. هذه المرة كشفتم تاريخكم المخزي، وقلتم للآخرين: نحن محتلون كذلك، كما هو السعوديون. ويقول العالم لكم: فلتخرجوا معهم هذه الارض التي سو فتتحرر بأيدي ابنائها برغمكم، فالعاقبة للمتقين.
فيلخرس الخليفيون المجرمون، ولترتفع راوح الشهداء الاحرار الى بارئها راضية مرضية، تشكو اليه ما يعانيه البحرانيون الاصليون، شيعة وسنة، من ظلم على ايدي المحتلين السعوديين والخليفيين. ترفرف ارواح هؤلاء الشهداء في اجواء ميدان اللؤلؤة وتبكي تمثاله المحطم، وتلعن الثلة المجرمة التي تمارس العدوان ضد اهل البحرين ظلما وعدوانا، وتؤكد للصامدين في الميدان، الذين يتحدون حظر التجول، ويتحدثون مع العالم بالدليل والبرهان لكشف الاجرام الخليفي بدون مواربة او مجاملة.نعيش اياما عصيبة، ولكنها واعدة بولادة سعيدة بعد ان تخلو الارض من هؤلاء الطغاة والمحتلين قريبا بعون الله تعالى. نبكي شهداءنا ولكن بعزم الصامدين، ونحضن قادتنا المرتهنين، ولكن بقلوب المؤمنين الصابرين المحتسبين. نعزي ذويهم بروح المحبين، وندعو لهم بالصبر والبركة وحسن الخاتمة، وان يجمعنا الله واياهم في مستقر رحمته، بعد ان حملنا الامانة صادقين، ورفعنا شعار الحرية بوعي واصرار وصمود. فطوبى للشهداء الخالدين، ومرحى لكم ايها الابطال، يا من كسرتم شوكة المحتلين، وما أشد ثباتكم وأبط جأشكم، وأعدل قضيتكم، قضية الحرية والكرامة والتحرير من الاحتلال. سيروا على بركة الله، فالنصر حليفكم، والعار للمحتلين والظالمين والسفاحين: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا، ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
سعيد الشهابي
18 مارس 2011
بواسطة مجموعة لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الخميس مارس 24, 2011 11:31 am من طرف ????