تزحف الملايين من المؤمنين في مسيرات راجلة نحو ضريح الأمام الحسين (عليه السلام) ملبية بصرخات لبيك ياحسين صرخات ترهب بقايا زمرة طغاة بني أمية الحاقدين على عترة أهل البيت والموالين لهم في مواكب مهيبة ومن مختلف بقاع الأرض مجددة الولاء ونداء التلبية الذي ناد به الإمام يوم عاشوراء ذلك اليوم الأليم على قلب النبي محمد وعترته الأطهار صلوات الله عليهم . وتقول لهم إن الحسين عليه السلام فمٌ يتحدث ورمزا للثوار،وان رسالته قدمت لنا أروع الدروس في القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية السامية.
لهذا نقول عليهم أن يرجعوا إلى أنفسهم ويعاتبوها لأننا قد شربنا من كف أبا الأحرار ورمز الثوار الحسين (ع)وأقول لهم رسالتي:
إن روحي تلبيك زاحفة لتأوي إلى ملاذ عشقها إليك، ستلبيك طائعة تعفر خديها على ترابك الطاهر شوقا إليك، ياسيدي ياحسين السلام عليك مولاي وعلى زائريك الزاحفين حبا وغراما وعشقا ،السلام عليك بعطش الأرواح الوالهة إلى روضتك المطهرة السلام عليك سيدي اشتياق ومحبة وفداء ،السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك السلام عليك وعلى أصحابك وبنيك وعلى حامل لواك أبا الفضل العباس عليكم مني جميعا سلام الله ابدأ مابقيت وبقي أليل والنهار ولا جعله الله أخر العهد مني لزيارتك ورزقنا الله زيارتك و في الآخرة شفاعتك وأنالنا طلب ثأرك مع الإمام الحجة المنتظر عج الله تعالى فرجه الشريف.
جميع الأرواح تحلق نحو الضريح ،وروحي هائمة تبحث و تحلق في أرجاء المكان تبحث هنا وهناك بين أولئك المعزين الهائمين في عشق أبالأحرار ورسالة الثوار الإمام الحسين عليه السلام. لعلها تجد لها مكاناً تقف فيه معهم لتواسي قلب العقيلة زينب سلام الله عليها و الزهراء عليها السلام الحزينة لمصائب أبنائها وما أعظم مصيبة الحسين عليه السلام عند الزهراء عليها السلام وكأني بها وهي تهفو بمدامعها تتجرع الصبر وهي مدركة أن الصحب بعد رحيل والدها عبثوا بإرث النبوة ولازالت إلى يومنا هذا، لقد امتلئ قلبي شوقا وحنينا وعشقا لزيارتك فمتى اسجد لله مقبلا تلك الأعتاب الطاهرة وذلك المكان الذي تناثرت به أشلائك الموزعة في كل مكان وكأني بكل بقعة سقط عليها جزء من جسمك نادىت ياحسين .
إني مشتاق إلى رؤية ضريحك يا سيدي ،، ذكراك لا تفارق قلبي ولساني بل وكل جوارحي تهتف باسمك ياحسين. متى أكتب صك مبايعه معك عند سيد الأنصار حبيب بن مظاهر ومتى يشاء القدر ويسجلني من زوارك، أفي عامي هذا أو في الأعوام القادمة ، حياتي القادمة كتبتها وابعثها إليك بواسطة هذه الأرواح المليونية الهائمة والتي تطوف حول مرقدك الطاهر وتهتف باسمك وترفع شعار الانتصار والتضحية والثقة بالنفس المطمئنة ، صرخة تهز عروش الطغاة الحاقدين (هيهات منا الذلة) ، عشقا إليك ،فهنيئا لكل الزائرين ، ما أجملها من لحظات .ياسيدي خواطري اكتبها إليك بحبر قلمي الحزين بحزن العالم اجمع بحزن الزائرين إلى قبرك وأقول بترنيمة أليمة ياحسين ، صرخة تمتد عبر الأصلاب تخترق الأرحام تسكن الأجنة تمد طريقا يخرج في صرخات الطلق الأخيرة إلى العالم الأوسع.
في العشرين من صفر تمر علينا ذكرى الأربعين للإمام الحسين عليه السلام، الذي يعد يوماً مهماً لدى أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، فهذا اليوم ذكرى عودة الرؤوس الشريفة إلى الأجساد الطاهرة بعد أن طيف بها في البلدان ، وعبَر الأمويون من خلاله عن نزعة الشر والتجرد عن كل مبدأ وفي الوقت نفسه يعد يوماً لتجديد البيعة مع الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الأبرار والمستشهدين بين يديه.
وهو يوم لتجديد البيعة مع المبادئ والقيم التي دعي إليها الإمام أبو الأحرار واستشهد من أجلها، إن هذه الذكرى تعد انعطافاً هاماً في مسيرة الجهاد الإسلامي وفي حركات التحرر عموما، فعودة الرؤوس الشريفة إلى أجسادها مع قافلة السبايا عند رجوعهم من الشام إلى المدينة. بعد أن خيرهم يزيد بالطرق التي يسلكونها فاختار الإمام السجاد(عليه السلام) الطريق المؤدي إلى كربلاء ومن خلاله أقام العيال ثلاثة أيام على قبر الأمام الحسين(عليه السلام) ودفنوا الرؤوس الطاهرة.
إن هذا الحدث انتصاراً للحسين(عليه السلام) بعد أن أرغم يزيد على الاستسلام لمطالب الإمام زين العابدين(عليه السلام) بالعودة إلى كربلاء ورد الرؤوس الطاهرة، ومن ثم انكشاف الحقائق وإبطال ما ادعاه الأمويون من تبرير سفك الدماء الطاهرة وكون هؤلاء القتلى خارجون على الخليفة الشرعي، إلا أن جهود الإمام زين العابدين(عليه السلام) والسيدة زينب وأخواتها قد كشفت الحقائق وعملت على تعرية ما تشبث به الأمويون وذلك من خلال خطبهم التي ألقيت على مسامع الناس في الكوفة والشام والمدينة.
فبعد هذا التخبط الأموي في سياسته من اجل التعتيم على فعلته اخذ التشيع يرتعش تحت الشمس ويتغلغل للوثوب فحق القول بان التشيع حسيني وإذا كان الإسلام علوياً، والتشيع حسينياً يصبح بأن يقال إن الإسلام الذي أرسى قواعده النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأحاطه الإمام علي وغذاه الإمام الحسين حتى كمل واستقام، فقد فاز أولئك النفر الذين أدركوا محمد وعلياً والحسين فأقاموا تعاليمه المباشرة. وأما الأجيال المتأخرة التي لم تدركهم هذه الثورة فلابد أن تعيش بامتداد تلك الشخصيات العظيمة التي تحتمل الامتداد.
إن امتداد الرسول (ص) كان في قرآنه وأثاره وذكرياته الباقية على ممر الدهور،وان امتداد علي عليه السلام فهو في نهجه وبطولاته ومواقفه الصريحة في ميزان عدالته .
وماذا عن امتداد الحسين عليه السلام فبما يكون.
لابد أن يكون امتداد الحسين أصعب لان دوره كان دور ثورة وامتداد الثورة يحتاج إلى إحياء الثورة بكل إبعادها ومرافقها في واقع الحياة ،والواقع لايمكن امتدادها الحقيقي إلا بجموع ما يقوم به الشيعة في بلادهم أيام عاشوراء من إحياء المأتم في كل مكان ولبس السواد .فكل هذه المجموعة المتقاربة بانفعالاتها وواقعها وهذه المظاهر والتظاهرات هي التي تستطيع نقلنا من أجوائنا المختلفة إلى جو الثورة التي عاشها الإمام الحسين عليه السلام في معركة كربلاء.
إن ثورة الإمام الحسين ثورة نادرة امتازت بها الأمة الإسلامية دون سائر الأمم ولو كانت البقية من الأمم استدرت منها طاقات تؤهلها للسيطرة على الأرض، ولكن الأمة الإسلامية بتخبطها وعدم إدراك حجم هذه الثورة بكل إبعادها الرسالية أخذت في الهبوط مع مستوى قلة الوعي في قيادتها الإسلامية ورسم منهج مخالف لمنهج الرسالة المحمدية المتمثلة في ثورة الإمام الحسين عليه السلام.فلا تستفيد منها بالمقدار الممكن فتهدر بذلك تلك الطاقات المعنوية .وتريد من خلال أعلامها تحجيم هذه الثورة ونقل مسيرتها إلى غير الواقع بأن رجلاً شق عصى الخليفة فكان له جزاء ذلك .مقلبة بذلك صفحات التاريخ المزيف الذي رسمه النهج الأموي لنفسه ولكن لم يستطيعوا فبقى الحسين وامتدت ثورته عبر التاريخ صرخة مدوية في أذان هذه البطانة الفاسدة من مخلفات بني أمية .
فالسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أنصار الحسين. وعظم الله أجرك ياسيدي ياصاحب العصر والزمان وعظم الله لكم الأجر يامراجعنا العظام في كل مكان ولكم أيها المؤمنون .
ووفق الله زوار الحسين عليه السلام وحفظهم الله من عبث تلك العقول الصغيرة التي تتغذى من أموال بني أميه فمهما حاولوا فلن يستطيعوا إيقاف هذا الزحف وهذه العاطفة الطبيعية لهذه الملحمة وهذه الذكرى التي تتجدد كل عام، طالما استبيح دم الحسين من تلك الفئة، لقد انتصر الدم على السيف.وعلى طواغيت العالم في عصرنا هذا أن يدركوا أنفسهم لكي لا يصبح مصيرهم مصير بني أمية وإتباعهم.
الخميس فبراير 03, 2011 10:54 am من طرف ????