الحادي من صفر :: وصول السبايا إلى الشام
كتب ابن زياد إلى يزيد كتابا يخبره فيه بقتل الحسين (ع) فلما وصل إليه الكتاب أجابه يأمره بحمل رأس الحسين (ع) ورؤوس من قتل معه وحمل أثقاله ونسائه وعياله إلى الشام
فأرسل ابن زياد الرؤوس مع زحر بن قيس ثم أمر بنساء الحسين عليه السلام وصبيانه فجهزوا وأمر بعلي بن الحسين عليهما السلام فغل إلى عنقه ، وفي رواية في يديه ورقبته ثم سرح بهم في اثر الرؤوس مع محفر بن ثعلبه العائدي وشمر بن ذي الجوشن وحملهم على الاقتراب وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار
فانطلق بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس فلم يكلم علي بن الحسين (ع) أحدا منهم في الطريق بكلمة حتى بلغوا دمشق فلما انتهوا إلى باب يزيد رفع محفر صوته فقال هذا محفر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة فأجابه علي بن الحسين عليهما السلام ما ولدت أم محفر أشر وسمع يزيد غرابا ينعب فانشد .
لما بـدت تلك الحـمول وأشرقت ... تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح .... فلقد قضيت من الغـريم ديوني
ولما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من شمر فقالت له لي إليك حاجة فقال ما حاجتك قالت إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثيرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال فأمر في جواب سؤالها إن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق
وأجل يوم بعـد يومـك حل في إلا.... سلام منه يشيب كل جنين
يوم سرت اسري كـمـا شاء العدى ....فيه الفواطم من بني ياسين
لا طاب عيشك يا زمـان ولا جرت ... انهار مائك للورى بمعيـن
عن سهل بن سعد انه قال خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار كثيرة الأشجار وقد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول فقلت في نفسي ترى لأهل الشام عيد لا نعرفه نحن!
فرأيت قوما يتحدثون فقلت يا قوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن قالوا يا شيخ نراك غريبا فقلت أنا سهل بن سعد قد رأيت محمدا قالوا يا سهل ما أعجب السماء لا تمطر دما والأرض لا تنخسف بأهلها قلت ولم ذاك قالوا هذا رأس الحسين عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يهدى من أرض العراق فقلت وأعجبا يهدى رأس الحسين «ع» والناس يفرحون وقلت من أي باب يدخل فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات فبينا أنا كذلك حتى رأيت الرايات يتلو بعضها بعضا فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان عليه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا من ورائه نسوة على جمال بغير وطاء فدنوت من أولادهن فقلت يا جارية من أنت فقالت أنا سكينة بنت الحسين فقلت لها ألك حاجة إلى فأنا سهل بن سعد ممن رأى جدك وسمعت حديثه قالت يا سهل قل لصاحب هذا الرأس أن يقدم الرأس أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ولا ينظروا إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال سهل فدنوت من صاحب الرأس فقلت له هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ مني أربعمائة دينار قال ما هي قلت تقدم الرأس أمام الحرم ففعل ذلك ودفعت إليه ما وعدته (وروي) أن بعض فضلاء التابعين وهو خالد بن معدان لما شاهد رأس الحسين «ع» بالشام أخفى نفسه شهرا من جميع أصحابه فلما وجدوه بعد إذ فقدوه وسألوه عن سبب ذلك فقال ألا ترون ما نزل بنا ثم انشأ يقول :
جاؤوا برأسك يا ابن بنت محمد...مـترملا بدمائـه ترمـيلا
وكأنـما بك يا ابـن بنت محمد.... قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتـلوك عطـشانا ولما يـرقبوا .... فـي قتلك التأويل و التنزيلا
ويكـبرون بـأن قتـلت وإنما.... قـتلوا بك التكبير و التهليلا
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته