الشيخ محمد جواد البلاغي
آية الله العظمى ، الشيخ محمد جواد البلاغي ، قدس سرة الشريف .
نسبه : هو الشيخ محمد جواد بن حسن بن طالب بن عباس بن إبراهيم بن حسين بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي . مولده : ولد في النجف الأشرف سنة 1282 ه في بيت من أقدم بيوتاتها وأعرقها في العلم والفضل والأدب ، والمشهورة بالتقوى وإصلاح والسداد سافر إلى الكاظمية سنة 1306 ه وتزوج هناك من ابنة السيد موسى الجزائري الكاظمي . عاد إلى النجف الأشرف سنة 1312 ه فحضر على الشيخ محمد طه نجف والشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ الآخوند محمد كاظم الخراساني والسيد محمد الهندي . هاجر إلى سامراء سنة 1326 ه فحضر على الميرزا محمد تقي الشيرازي - زعيم الثورة العراقية - عشر سنين ، وألف هناك عدة كتب ، وغادرها - عند احتلالها من قبل الجيش الإنكليزي - إلى الكاظمية فمكث بها سنتين مؤازرا للعلماء في الدعاية للثورة ومحرضا لهم على طلب الاستقلال . ثم عاد إلى النجف الأشرف وواصل نشاطه في التأليف ، . وقد وقف بوجه النصارى وأمام تيار الغرب الجارف ، فمثل لهم سمو الإسلام على جميع الملل والأديان حتى أصبح له الشأن العظيم والمكانة المرموقة بين علماء النصارى وفضلائها . كما تصدى للفرق المنحرفة الهدامة الأخرى - كالبابية والقاديانية والوهابية والإلحادية . . وكان يقول : " إني لا أقصد ألا الدفاع عن الحق ، لا فرق عندي بين أن يكون باسمي أو اسم غيري " . حتى أن يوسف إليان سركيس في كتابه : " معجم المطبوعات " ذكر كتاب " الهدى إلى دين المصطفى " لشيخنا البلاغي - رضوان الله عليه - في آخر الجزء الثاني ضمن الكتب المجهولة المؤلف ، وربما كان - قدس سره - يذيل بعضها بأسماء مستعارة ك : كاتب الهدى النجفي ، وعبد الله العربي ، وغيرها . ومع كل ذلك أصبح اسمه نارا على علم ، وبلغت شهرته أقاصي البلاد ، حتى أن أعلام أوربا كانوا يفزعون إليه في المسائل العويصة ، كما ترجمت بعض مؤلفاته إلى الإنكليزية للاستفادة من مضامينها الراقية . كان يجيد اللغات العبرانية والفارسية والانكليزية - بعد لغته الأم العربية - ولذلك برع في الرد على أهل الكتاب ودحض أباطيلهم وكشف خفايا دسائسهم . كما كان متواضعا للغاية ، يقضي حاجاته بنفسه ،. وكان يقيم صلاة الجماعة في المسجد القريب من داره ، فيأتم به أفاضل الناس وخيارهم ، وبعد الفراغ من الصلاة كان يدرس كتابه " آلاء الرحمن " . كان لين العريكة ، خفيف الروح ، منبسط الكف ، لا يمزح ولا يحب أن يمزح أحد أمامه ، تبدو عليه هيبة الأبرار ، له في سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام عقيدة راسخة ، وحب ثابت ، فكم له أمام المناوئين للإمام الحسين عليه السلام من مواقف مشهودة ، ولولاه لأمات المعاندون الشعائر الحسينية والمجالس العزائية ، ولكنه تمسك بها والتزم بشعائرها ، وقام بها خير قيام . فكان هذا العلامة البطل - على شيخوخته وضعفه وعجزه - يمشي حافيا أمام الحشد المتجمهر للعزاء ، قد حل أزراره ويضرب على صدره ، وخلفه اللطم والأعلام ، وأمامه الضرب بالطبل . ومن آثاره الباقية : إقامة المأتم في يوم عاشوراء في كربلاء ، فهو أول من أقامه هناك ، وعنه أخذ حتى توسع فيه ووصل إلى ما هو عليه اليوم . وكذا تحريض علماء الدين وإثارة الرأي العام ضد البهائية في بغداد ، وإقامة الدعوى في المحاكم لمنع تصرفهم في الملك الذي استولوا عليه - في محلة الشيخ بشار في الكرخ - واتخذوه حظيرة لهم لإقامة شعائر الطاغوت ، فقضت المحاكم بنزعه منهم ، واتخذه - رضوان الله عليه - مسجدا تقام فيه الصلوات الخمس والمآتم الحسينية في ذكرى الطف وشعائر أهل البيت عليهم السلام . أقوال العلماء والأدباء فيه : قال السيد محسن الأمين العاملي : " كان عالما فاضلا ، أديبا شاعرا ، حسن العشرة ، سخي النفس ، صرف عمره في طلب العلم وقال الشيخ عباس القمي : " بطل العلم الشيخ محمد الجواد . . . ولقد كان - رحمه الله تعالى - ضعيفا ناحل الجسم ، تفانت قواه في المجاهدات ، وكان في آخر أمره مكبا على تفسير القرآن المجيد بكل جهد أكيد " ) وقال الشيخ آقا بزرك الطهراني : " كان أحد مفاخر العصر علما وعملا . . . وكان من أولئك الأفذاذ النادرين الذين أوقفوا حياتهم وكرسوا أوقاتهم لخدمة الدين الحنيف والحقيقة . . . فهو أحد نماذج السلف التي ندر وجودها في هذا الزمن " . وقال الشيخ محمد حرز الدين : " عالم فقيه كاتب ، وأديب شاعر ، بحاثة أهل عصره ، خدم الشريعة المقدسة ، ودين الإسلام الحنيف ، بل خدم الإنسانية كاملة بقلمه ولسانه وكل قواه " . وقال الميرزا محمد علي التبريزي المدرس : " فقيه أصولي ، حكيم متكلم ، عالم جامع ، محدث بارع ، ركن ركين لعلماء الإمامية ، وحصن حصين للحوزة الإسلامية ، ومروج للعلوم القرآنية ، وكاشف الحقائق الدينية ، وحافظ للنواميس الشرعية ، ومن مفاخر الشيعة " ( . وقال الملأ علي الواعظ الخياباني التبريزي : " هو العلم الفرد العلامة ، المجاهد ، آية الله ، وجه فلاسفة الشرق ، وصدر من صدور علماء الإسلام ، فقيه أصولي ، حكيم متكلم ، محدث محقق ، فيلسوف بارع ، وكتبه الدينية هي التي أبهجت الشرق وزلزلت الغرب وأقامت عمد الدين الحنيف ، فهو حامية الإسلام ، وداعية القرن ، رجل البحث والتنقيب ، والبطل المناضل ، والشهم الحكيم " . وقال الشيخ جعفر النقدي : " عالم عيلم مهذب ، وفاضل كامل مذرب ، وآباؤه كلهم من أهل العلم " . وقال الأستاذ علي الخاقاني : " من أشهر مشاهير علماء عصره ، . وقال الشيخ جعفر باقر آل محبوبة : " ركن الشيعة وعمادها ، وعز الشريعة وسنادها ، صاحب القلم الذي سبح في بحر العلوم الناهل من موارد المعقول والمنقول ، كم من صحيفة حبرها ، وألوكة حررها ، وهو بما حبر فضح الحاخام والشماس ، وبما حرر ملك رق الرهبان والأقساس ، كان مجاهدا بقلمه طيلة عمره ، وقد أوقف حياته في الذب عن الدين ، ودحض شبه الماديين والطبيعيين ، فهو جنة حصينة ، ودرع رصينة ، له بقلمه مواقف فلت جيوش الإلحاد ، وشتتت جيوش العادين على الإسلام والطاعنين فيه . . . حضرت بعض دروسه واستفدت منه مدة ، كان نحيف البدن ، واهي القوى ، يتكلف الكلام ، ويعجز في أكثر الأحيان عن البيان ، فهو بقلمه سحبان الكتابة ، عنده أسهل من الخطابة " ( وقال المحامي توفيق الفكيكي : " كان - رحمه الله تعالى - داعي دعاة الفضيلة ، ومؤسس المدرسة السيارة للهداية والإرشاد وتنوير الأفكار بأصول العلم والحكمة وفلسفة الوجود ، فقد أفطمت جوانحه على معارف جمة ، ووسع صدره كنوزا من ثمرات الثقافة الإسلامية العالية والتربية الغالية ، وقد نهل وعب من مشارع المعرفة والحكمة الصافية حتى أصبح ملاذ الحائدين الذين استهوتهم أهواء المنحرفين عن المحجة البيضاء ، وخدعتهم ضلالات الدهريين والماديين . . . ومن ملامحه ومخائله الدالة على كماله النفسي هي : فطرته السليمة ، وسلامة سلوكه الخلقي والاجتماعي ، وحدة ذكائه ، وقوة فطنته ، وعفة نفسه ، ورفعة تواضعه ، وصون لسانه عن الفضول ، ولين عريكته ، ورقة حاشيته ، وخفة روحه ، وأدبه الجم ، وعذوبة منطقه ، وفيض يده على عسره وشظف عيشه " . وقال عمر رضا كحالة : " فقيه ، متكلم ، أديب ، شاعر " . وقال خير الدين الزركلي : " باحث إمامي ، من علماء النجف في العراق ، من آل البلاغي ، وهم أسرة نجفية كبيرة ، له تصانيف . . . وكان يجيد الفارسية ، ويحسن الإنجليزي ، وله مشاركة في حركة العراق الاستقلالية وثورة عام 1920 م " فمن كانت هذه مآثره وصفاته وسجاياه فجدير بمتخصصينا أن يقوموا بدراسة هذه الشخصية الجليلة وآثارها القيمة ، فهو أحد نماذج السلف التي ندر وجودها في هذا الزمن ، وهو نور من الأنوار التي يهتدي بها في ظلمات الشك والحيرة ، وهو بحق من مشاهير علماء الإمامية ، علامة جليل ، ومجاهد كبير ، ومؤلف مكثر خبير . شعره : كان - قدس سره - مع عظيم مكانته في العلم وتفقهه في الدين أديبا كبيرا وشاعرا مبدعا ، من فحول الشعراء ، له نظم رائق سلس متين ، تزخر أشعاره بالعواطف الوجدانية ، والمشاعر الإنسانية ، والتأملات الروحية ، وأكثر شعره كان في مدح أهل البيت عليهم السلام ورثائهم ، .
فمما قال في قصيدة في ذكرى مولد الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ، قوله :
حي شعبان فهو شهر سعودي * وعد وصلي فيه وليلة عيدي منه
حيا الصب المشوق شذا * الميلاد فيه وبهجة المولود بهجة
المرتضى وقرة عين المصطفى * بل ذخيرة التوحيد رحمة الله
غوثه في الورى شمس * هداه وظله الممدود
وهوى خاطري وشائق نفسي * ومناها وعدتي وعديدي
فانجلت كربتي وأزهر روضي * ونمت نبعتي وأورق عودي
أطلت فخرا يا ليلة النصف من شعبان * بيض الأيام بالتسويد
وله من قصيدة في ذكرى مولد الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام في الثالث من شعبان :
شعبان كم نعمت عين الهدى فيه * لولا المحرم يأتي في دواهيه وأشرق الدين من أنوار ثالثه * لولا تغشاه عاشور بداجيه وارتاح بالسبط قلب المصطفى فرحا * لو لم يرعه بذكر الطف ناعيه
رآه خير وليد يستجار به * وخير مستشهد في الدين يحميه
قرت به عين خير الرسل ثم بكت * فهل نهنيه فيه أم نعزيه
إن تبتهج فاطم في يوم مولده * فليلة الطف أمست من بواكيه
أو ينتعش قلبها من نور طلعته * فقد أديل بقاني الدمع جاريه
فقلبها لم تطل فيه مسرته * حتى تنازع تبريح الجوى فيه
بشرى أبا حسن في يوم مولده * ويوم أرعب قلب الموت ماضيه
وله من قصيدة في الإمام الحجة المنتظر عليه السلام - أيضا - قوله : ى رويدكما أيها الباكيان * فما أنتما أول الوالهينا
فكم لنواه جرت عبرة * تقل لها أدمع العالمينا
جرت ولها قبل يوم الفراق * ولم ترحل العيس بالمزمعينا
فلا نهنه الوجد فيض الدموع * وقد شطت الدار بالظاعنينا
وبان وأودعنا حسرة * ومن لوعة البين داء دفينا
أطال نواه ومن نأيه * رزينا بما يستخف الرزينا
نقضي الليالي انتظارا له * فيا حسرتا ، ونقضي السنينا
نطيل الحنين بتذكاره * ويا برحا أن ، نطيل الحنينا
فما لقيت فاقدات الحمام * من الوجد في نوحها ما لقينا
ومن قصيدة له يرثي بها الإمام الحسين عليه السلام قوله :
يا تريب الخد في رمضا الطفوف * ليتني دونك نهبا للسيوف
يا نصير الدين إذ عز النصير * وحمى الجار إذا عز المجير
وشديد البأس واليوم عسير * وثمال الوفد في العام العسوف
كيف يا خامس أصحاب الكسا * وابن خير المرسلين المصطفى
وابن ساقي الحوض في يوم الظما * وشفيع الخلق في اليوم المخوف يا صريعا ثاويا فوق الصعيد * وخضيب الشيب من فيض الوريد
كيف تقضي بين أجناد يزيد * ظاميا تسقى بكاسات الحتوف
كيف تقضي ظاميا حول الفرات * داميا تنهل منك الماضيات
وعلى جسمك تجري الصافنات * عافر الجسم لقي بين الصفوف
يا مريع الموت في يوم الطعان * لا خطا نحوك بالرمح سنان
لا ولا شمر دنا منك فكان * ما أمار الأرض هولا بالرجوف
سيدي أبكيك للشيب الخضيب * سيدي أبكيك للوجه التريب
سيدي أبكيك للجسم السليب * من حشا حران بالدمع الذروف
سيدي إن منعوا عنك الفرات * وسقوا منك ظماء المرهفات
فسنسقي كربلا بالعبرات * وكفا من علق القلب الأسوف
سيدي أبكيك منهوب الرحال * سيدي أبكيك مسبي العيال
بين أعداك على عجف الجمال * في الفيافي بعد هاتيك السجوف
سيدي إن نقض دهرا في بكاك * ما قضينا البعض من فرض ولاك
أو عكفنا عمرنا حول ثراك * ما شفى غلتنا ذلك العكوف
لهف نفسي لنساك المعولات * واليتامى إذ غدت بين الطغاة
باكيات شاكيات صارخات * ولها حولك تسعى وتطوف
ومن شعر الإمام البلاغي * رضوان الله عليه - الذي سارت به الركبان ، قصيدته التي نظمها ردا على قصيدة أحد علماء بغداد المنكرين لوجود الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه السلام ، والتي بعثها إلى علماء النجف الأشرف عام 1317 ه ، التي يقوم فيها :
أيا علماء العصر يا من لهم خبر * بكل دقيق حار في مثله الفكر
لقد حار مني الفكر في القائم الذي * تنازع فيه الناس والتبس الأمر فأجابه العلامة البلاغي بقصيدة طويلة تقع في أكثر من مائة بيت ، وهي من عيون شعره ، ومطلعها :
أطعت الهوى فيهم وعاصاني الصبر * فها أنا ما لي فيه نهي ولا أمر أنست بهم سهل القفار ووعرها * فما راعي منهن سهل ولا وع
أخا سفر ولهان أغتنم السرى * من الليل تغليسا إذا عرس السفر ومنها قوله :
وفي خبر الثقلين هاد إلى الذي * تنازع فيه الناس والتبس الأمر
إذا قال خير الرسل لن يتفرقا * فكيف إذن يخلو من العترة العصر
وما إن تمسكتم بتينك إنهم * هم السادة الهادون والقادة الغر
ومنها قوله أيضا
: وغاب بأمر الله للأجل الذي * يراه له في علمه وله الآمر
وأوعده أن يحيي الدين سيفه * وفيه لدين المصطفى يدرك الوتر ويخدمه الأملاك جندا وإنه * يشد له بالروح في ملكه أزر
وإن جميع الأرض ترجع ملكه * ويملأها قسطا ويرتفع المكر
فأيقن أن الوعد حق وأنه * إلى وقت عيسى يستطيل له العمر
فسلم تفويضا إلى الله صابرا * وعن أمره منه النهوض أو الصبر
ولم يك من خوف الأذاة اختفاؤه * ولكن بأمر الله خير له الستر وحاشاه من جبن ولكن هو الذي * غدا يختشيه من حوى البر والبحر أكل اختفاء خلت من خيفة الأذى ؟ ! * فرب اختفاء فيه يستنزل النصر وكل فرار خلت جبنا فربما * يفر أخو بأس ليمكنه الكر
فكم قد تمادت للنبيين غيبة * على موعد فيها إلى ربهم فروا
وإن بيوم الغار والشعب قبله * غناء كما يغني عن الخبر الخبر
ولم أدر لم أنكرت كون اختفائه * بأمر الذي يعيى بحكمته الفكر ؟ ! أتحصر أمر الله في العجز أم لدى * إقامة ما لفقت أقعدك الحصر ؟ ! فذلك أدهى الداهيات ولم يقل * به أحد إلا أخو السفه الغمر
ودونك أمر الأنبياء وما لقوا * ففيه لذي عينين يتضح الأمر
فمنهم فريق قد سقاهم حمامهم * بكأس الهوان القتل والذبح والنشر
أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه * على غيرهم كلا فهذا هو الكفر
وكم مختف بين الشعاب وهارب * إلى الله في الأجبال يألفه النسر فهلا بدا بين الورى متحملا * مشقة نصح الخلق من دأبه الصبر
وإن كنت في ريب لطول بقائه * فهل رابك الدجال والصالح الخضر ؟ ! أيرضى لبيب أن يعمر كافر * ويأباه في باق ليمحى به الكفر ؟ !
ومنها أيضا :
فدع عنك وهما تهت في ظلماته * ولا يرتضيه العبد كلا ولا الحر
وإن شئت تقريب المدى فلربما * يكل بميدان الجياد بك الفكر فمذ قادنا هادي الدليل بما قضى * به العقل والنقل اليقينان والذكر
إلى عصمة الهادين آل محمد * وأنهم في عصرهم لهم الأمر
وقد جاء في الآثار عن كل واحد * أحاديث يعيى من تواترها الحصر تعرفنا ابن العسكري وأنه * هو القائم المهدي والواتر الوتر
تبعنا هدى الهادي فأبلغنا المدى * بنور الهدى والحمد لله والشكر
وله قصيدة عينية طويلة ذات معان فلسفية عالية ، عارض بها عينية ابن سينا في النفس ، التي مطلعها :
هبطت إليك من المحل الأرفع * عنقاء ذات تعزز وتمنع
فمما قال فيها - قدس الله نفسه الزكية - ردا عليه :
نعمت بأن جاءت بخلق المبدع * ثم السعادة أن يقول لها : ( ارجعي ) خلقت لأنفع غاية يا ليتها * تبعت سبيل الرشد نحو الأنفع
الله سواها وألهمها فهل * تنحو السبيل إلى المحل الأرفع
نعمت بنعماء الوجود ونوديت * هذا هداك وما تشائي فاصنعي
ودعي الهوى المردي لئلا تهبطي * في الخسر ذات توجع وتفجع
إن شئت فارتفعي لأرفع ذروة * وحذار من درك الحضيض الأوضع
إن السعادة والغنى إن تقنعي * موفورة لك والشقا إن تطمعي وله قصيدة في ثامن شوال سنة 1343 ه ، وهو اليوم الذي هدمت فيه قبور أئمة الهدى الأطهار عليهم السلام في البقيع من قبل الوهابيين ، ومطلعها : دهاك ثامن شوال بما دهما * فحق للعين إهمال الدموع دما ومنها : يوم البقيع لقد جلت مصيبته * وشاركت في شجاها كربلا عظما وله - قدس سره - مراسلات شعرية وغير شعرية - علمية ووجدانية - جرت بينه وبين السيد محسن الأمين العاملي - رحمه الله - تنم عن أدبه الجم وخلفه الرفيع السامي ، أوردها السيد الأمين في : أعيان الشيعة 4 / 257 - 261 . وله - رحمة الله واسعة - مراسلات شعرية أخرى جرت بينه وبين آخرين ، ومراث وتهان وأغراض شعرية غير ذلك ، مذكورة في أغلب المصادر التي ترجمت له . تلامذته : قد مر ذكر أسماء شيوخه وأساتذته ، أما تلامذته . . فقد تتلمذ على الشيخ البلاغي - رضوان الله عليه - العديد من أعيان الطائفة وعلمائها المشهورين ، فمن جملة الذين نهلوا من معين علمه وتتلمذوا عليه ، أو حضروا مجلس درسه ، أو رووا عنه :
1 - السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، المتوفى سنة 1413 ه . 2 - السيد شهاب الدين محمد حسين الحسيني المرعشي النجفي ، المتوفى سنة 1411 ه
. 3 - الشيخ ذبيح الله بن محمد علي المحلاتي ، المتوفى سنة 1405 ه
. 4 - السيد محمد هادي الحسيني الميلاني ، المتوفى سنة 1395 ه . 5 - الشيخ علي محمد البروجردي ، المتوفى سنة 1395 ه
. 6 - السيد محمد صادق بحر العلوم ، المتوفى سنة 1390 ه
. 7 - الشيخ محمد رضا آل فرج الله ، المتوفى سنة 1386 ه .
8 - الشيخ محمد علي الأردوبادي ، المتوفى سنة 1380 ه
. 9 - الشيخ مهدي بن داود الحجار ، المتوفى سنة 1358 ه
. 10 - الشيخ نجم الدين جعفر العسكري ، المتوفى سنة 1397 ه .
11 - الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي ، المتوفى سنة 1405 ه . 12 - الشيخ جعفر باقر آل محبوبة ( 1314 - 1378 ه ) .
13 - السيد صدر الدين الجزائري ( 1312 - 1394 ه )
. 14 - الشيخ مجتبى اللنكراني النجفي ( 1313 - 1406 ه )
. 15 - الشيخ مرتضي المظاهري النجفي ، المتوفى سنة 1414 ه . 16 - الشيخ محمد المهدوي اللاهيجي ، المتوفى سنة 1403 ه
. 17 - الميرزا محمد علي أديب الطهراني
. 18 - الميرزا محمد علي التبريزي المدرس ( 1296 - 1373 ه ) . 19 - الشيخ إبراهيم بن مهدي القريشي . وفاته ومدفنه ورثاؤه : توفي - نور الله مرقده - بمرض ذات الجنب ، ليلة الاثنين 22 شعبان 1352 ه ، فارتجت مدينة النجف بأكملها واجتمعت إلى بيته ، وشيع تشييعا يليق بمقامه ، سار فيه آلاف من الجماهير يتقدمهم عظماء المجتهدين وأساطين العلم والأدب ، ودفن في الحجرة الثالثة الجنوبية من طرف مغرب الصحن الشريف لمرقد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهي حجرة آل العاملي . ومن العجيب أن مطلع إحدى قصائده - المذكورة آنفا - في مدح الإمام الحجة المنتظر عليه السلام ، في ذكرى مولده السعيد المبارك ، قوله : حي شعبان فهو شهر سعودي - وعد وصلي فيه وليلة عيدي فكان كما أجراه الله على لسانه ، إذ وصل إلى رحمة ربه في شعبان ، ففجع الإسلام بوفاته ، وثلم في الدين ثلمة لا يسدها غمده رحمته . ورثاه أكابر العلماء والأدباء بعيون الشعر الحزين الدامع ، وكان في طليعتهم خاله العلامة السيد رضا الهندي - رحمه الله - في قصيدة رائعة ضمنها بعض أسماء كتبه ، ومطلعها : إن تمس في ظلم اللحود موسدا - فلقد أضأت بهن ( أنوار الهدى ) ولئن يفاجئك الردى فلطالما - حاولت إنقاذ العباد من الردى هذا مدى تجري إليه فسابق - في يومه أو لا حق يمضي غدا قد كنت أهوى أنني لك سابق - هيهات قد سبق ( الجواد ) إلى المدى فليندب ( التوحيد ) يوم مماته - سيفا على ( التثليث ) كان مجردا وليبك دين محمد لمجاهد - أشجت رزيته النبي محمدا وليجر أدمعه اليراع لكاتب - أجراه في جفن الهداية مرودا وجد الهدى أرقا فأسهر جفنه - حرصا على جفن الهدى أن يرقدا أأخي كم نثرت يداك من ( الهدى ) - بذرا فطب نفسا فزرعك أحصدا إن كنت لم تعقب بنين فكل من - يهديه رشدك فهو منك تولدا إلى آخرها ، وهي طويلة وكلها من هذا النمط العالي . وله قصيدة أخرى في رثائه أيضا ، منها : قد خصك الرحمن في ( آلائه ) - فدعاك داعيه لدار لقائه عمت رزيتك السما والأرض يا - داعي هداه بأرضه وسمائه يا محيي الدين الحنيف تلافه - فالدين أوشك أن يموت بدائه أوقدت ( أنوار الهدى ) من بعدما - قد جد أهل الكفر في إطفائه ورفعت للتوحيد راية باسل - رد الضلال منكسا للوائه يا باري القلم الذي إن يجر في - لوح أصاب الشرك حتم قضائه ما السمر تشبه منه حسن قوامه - كلا ولا الأسياف حد مضائه عجبا له يملي بيانك أخرسا - وترى الأصم ملبيا لدعائه هو معجز طورا ويسحر تارة - أهل الحجى إن شاء في إنشائه ورثاه العالم الأديب الشيخ محمد رضا المظفر في قصيدة مطلعها : يا طرف جد بسواد العين أو فذر - ماذا انتفاعك بعد الشمس بالنظر ؟ ! ومنها : قد كان كالبدر في ليل الشتا ومضى - كالشمس معروفة بالعين والأثر وفي رثائه قال السيد مسلم الحلي قصيدة ، منها هذا البيت : إني أرى الموت الزؤام ممثلا - للناس فعل الصيرف النقاد وقد أرخ عام وفاته السيد محمد الحلي بأبيات ، فقال : دهي الإسلام إذ - به تداعى سوره شرع طه أسفا - لما مضى نصيره مذ غاب أرخت ألا - غاب ( الهدى ) و ( نوره ) وقال أحد معارفه : في ذمة الله نفس بالجهاد قضت - فكان آخر شئ فارقت قلم ورثاه الشيخ محمد تقي الفقيه - أحد علماء جبل عامل - بمرثية ، منها : أفنيت نفسك بالجهاد وطالما - بدمائها روى اليراع الظامي حتى تراءت في الجنان مهيضة - هتف الملائكة : ( ادخلي بسلام ) ومنها : صيرت قلبك شمعة وحملته - ضوء أمام الدين للإعظام فأذبته فإذا المدامع أسطر - والنور معناها البديع السامي ورثاه الشيخ محمد علي اليعقوبي بقصيدة مطلعها : سلوا قبة الإسلام ماذا أمادها ؟ ! متى قوضت منها الليالي عمادها وقد أحسن أحد الأدباء فخاطبه في رثائه : زودت نفسك في حياتك زادها - تقوى الإله وذاك خير الزاد ووصفه أحد البارعين فقال : تحلى به جيد الزمان وأصبحت - تزان به الدنيا وتزهو الصحائف ورثاه كذلك السيد محمود الحبوبي ومحمد صالح الجعفري والشيخ محمد علي الأردوبادي ، وغيرهم . مصنفاته وآثاره العلمية : في الحقيقة أنه لم يمت من خلف ما خلفه المترجم من الآثار التي تهتدي بها الأجيال ، وتحتج بها الأبطال ، فإن في مؤلفاته ثمرات ناضجة قدمها المترجم لرواد الحقيقة ، وفيما يلي مسرد لها - وقد أشرت إلى ما هو مطبوع منها فعلا قدر المستطاع - عسى الله تعالى أن يقيض من يعثر على غير المطبوع منها فيحييه :
1 - الهدى إلى دين المصطفى . في الرد على النصارى ، طبع لأول مرة في جزءين في صيدا سنتي 1330 و 1331 ه ، وطبع في النجف الأشرف سنة 1965 م ، ثم أعادت طبعه دار الكتب الإسلامية في قم ، بالتصوير على الطبعة الثانية .
2 - الرحلة المدرسية ، أو : المدرسة السيارة . في الرد على اليهود والنصارى ، في ثلاثة أجزاء ، طبع عدة مرات في النجف الأشرف وبيروت . ثم طبع الجزء الأول منه بتحقيق يوسف الهادي ، وصدر عن مؤسسة البلاغ في طهران سنة 1413 ه . كما ترجم الكتاب إلى الفارسية ، وطبع في النجف الأشرف أيضا .
3 - أعاجيب الأكاذيب . في الرد على النصارى وبيان مفترياتهم ، طبع لأول مرة في النجف الأشرف سنة 1345 ه . حققته وصدر في قم سنة 1412 ه عن دار الإمام السجاد عليه السلام ، ثم أعادت دار المرتضى في بيروت طبعه - بالتصوير على هذه الطبعة - سنة 1413 ه . ترجم إلى الفارسية تحت عنوان : " شگفت آور دروغ " من قبل عبد الله إيراني - ولعله اسم مستعار آخر للمؤلف - وطبع في النجف الأشرف سنة 1346 ه .
4 - التوحيد والتثليث . في الرد على النصارى ، طبع لأول مرة في صيدا سنة 1332 ه . حققته وصدر في قم سنة 1411 ه عن مؤسسة قائم آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ثم أعادت طبعه - بالتصوير على هذه الطبعة - دار المؤرخ العربي في بيروت .
5 - عمانوئيل . في المحاكمة مع بني إسرائيل
. 6 - داعي الإسلام وداعي النصارى . في الرد على النصارى .
7 - رسالة في الرد على جرجيس سايل وهاشم العربي . في الرد على النصارى أيضا .
8 - رسالة في الرد على كتاب " ينابيع الإسلام " . في الرد على ا لنصارى أيضا .
9 - المسيح والأناجيل . في الرد على النصارى كذلك ، طبع بتمامه في مجلة " الهدى " العمارية العراقية ، في عدة من أعدادها سنة 1348 ه
. 10 - رسالة في الرد على كتاب " تعليم العلماء " .
11 - نور الهدى . في الرد على شبهات وردت من لبنان ، مطبوع في النجف الأشرف .
12 - البلاغ المبين . في الإلهيات ، طبع في بغداد سنة 1348 ه . 13 - أنوار الهدى . في الرد على الطبيعيين والماديين وشبهاتهم الإلحادية ، طبع الجزء الأول منه في النجف الأشرف سنة 1340 ه . وأعيد طبعه في بيروت ، ثم طبع بالتصوير على هذه الطبعة في قم . وترجم إلى الأوردية ، وطبع في لكهنو بالهند .
14 - مصابيح الهدى ، أو : المصابيح في بعض من أبدع في الدين في القرن الثالث عشر . في الرد على القاديانية والبابية والبهائية والأزلية ، طبع قسم منه .
15 - الشهاب . في الرد على كتاب " حياة المسيح " للقاديانية .
16 - نصائح الهدى ، أو : نصائح الهدى والدين إلى من كان مسلما وصار بابيا . في الرد على البابية والبهائية ، طبع في بغداد سنة 1339 ه . وترجمه إلى الفارسية السيد علي العلامة الفاني الأصفهاني - المتوفى سنة 1409 ه - تحت عنوان : نصيحت بفريب خوردگان باب وبهاء ، وصدر في أصفهان سنة 1369 ه ، ثم أعيد طبع الترجمة هذه في قم سنة 1405 ه .
17 - دعوى الهدى إلى الورع في الأفعال والفتوى . في إبطال فتوى الوهابيين بهدم قبور الأئمة الأطهار عليهم السلام في ‹ صفحة 30 › البقيع وبقية القبور في مكة المكرمة والمدينة المنورة ، طبع في النجف الأشرف سنة 1344 ه .
18 - رسالة أخرى في الرد على الوهابية . وهي في تفنيد فتواهم أيضا ، مطبوعة أيضا .
19 - رسالة في الاحتجاج لكل ما انفردت به الإمامية بما جاء من الأحاديث في كتب غيرهم .
20 - إلزام المتدين بأحكام دينه . بطراز جذاب وأسلوب فريد في بابه . 21 - رسالة في رد أوراق وردت من لبنان . ولعلها نفس الكتاب المتقدم برقم 11 .
22 - مسألة في البداء . رسالة صغيرة نشرها الشيخ محمد حسن آل ياسين لأول مرة في بغداد سنة 1374 ه ، في آخر المجموعة الرابعة من سلسلة " نفائس المخطوطات " . حققتها ثانية ، وصدرت في قم سنة 1414 ه ضمن كتيب " رسالتان في البداء " . 23 - داروين وأصحابه . مطبوع .
24 - نسمات الهدى . طبع في بعض أعداد مجلة " العرفان " . 25 - أجوبة المسائل البغدادية . في أصول الدين ، مطبوعة . 26 - أجوبة المسائل الحلية .
27 - أجوبة المسائل التبريزية . في الطلاق وتعدد الزوجات والحجاب . 28 - آلاء الرحمن في تفسير القرآن . توفي - رحمه الله - ولم يتمه ، إذ وصل فيه إلى نهاية تفسير آية الوضوء من سورة المائدة ، وقد طبع لأول مرة في لبنان في جزءين ، وأعادت مكتبة الوجداني في قم طبعه - بالتصوير - على هذه الطبعة .
29 - رسالة في تكذيب رواية التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام . حققها الشيخ رضا الأستادي ونشرها في قم ، في مجلة " نور علم " العدد 1 ، السنة 2 ، ربيع الآخر 1406 ه .
30 - رسالة في وضوء الإمامية وصلاتهم وصومهم . طبعت بالإنكليزية ، أما الأصل العربي فلم يطبع . 31 - رسالة في الأوامر والنواهي .
32 - تعليقة على " العروة الوثقى " للسيد اليزدي . 33 - تعليقة على مباحث البيع من كتاب " المكاسب " للشيخ الأنصاري . طبعت