تعبت وأنا أحمل هذا الود في داخلي ، أعياني ذلك الهيام وأرهقني ذلك العشق الصامت ، كلما حاولت أن أبدي مشاعري تراجعتُ خوفاً من لوم اللائمين وحياءاً من أخوةٌ لا يعلمون أني ممن يحمل في داخله مشاعر تفيض بالحب لتسقي به قلوباً عطشى تتوق إلى الإرتواء بجمال الحياة والذي ترتشفه من كأس الهيام الذي ملأته من فيض أحاسيسي ، لذا وبعد تفكير طويل قررتُ بأن أكسر جدار الصمت وأصرخ بعالي الصوت أنا من الهائمين والعاشقين والمحبين ومن المتغزلين بجمال تعبيري ، حتى وإن واجهتُ اللوم ممن لا يعرف للحب سبيل ولا يهتدي إلى عشق العاشقين ولا يقبل هوى من طاب لي حبهم وزهت نفسي بودهم وطابت روحي بعشقهم وخفق فؤادي بالتغزل في جمال نفوسهم ، قد أسمع كلمة عتاب ، أو أرى رسالة تحوي نصحاً وإرشاد ، أو قد أرى شخصاً يحسب نفسه صديقاً يفتح معي باب الحوار ويناقشني في هذا الهيام ، او قد أنظر إلى تعقيبٍ من فيلسوف يطالبني بالتوقف عن بث هذا الكلام ، وحُجته في ذلك أن هذا الكلام لا يليق بهذا المكان الذي ينشأ لبث الغرام ، نعم كل هذا وارد فالإنسان بطبعه عدوٌ لما جهل ، وأنا بدوري أحترم رأي الجميع لكني ملزم بإظهار ما يُختلج في النفس وإبداْ ما يشعر به الفؤاد ، وعلى الجميع الإنصات ، حتى أُنهي هذا اخطاب ومن ثم يُبدوا وجهات النظر ، وليعلموا بأني ممن يحترم الآراء ، فإن التقت كلمتهم على سحب الموضوع ووضعه في سلة المهملات فسأكون في خدمتهم وأُبدي لذلك سعادتي ، المهم عندي الآن أن أُظهر ما حواه الفؤاد من عشق وغرام لمن جعلوني في عشقهم كالمجنون أو كالذي يورده الجنون ، فلو كنتُ شاعراً لألفتُ فيهم شعر الغزل ولملأتُ الدواوين من حلو الكلام الحاوي لبحور الشعر ذو القوافي والأوزان ، ولو كنتُ أديباً لخطيتُ بدماء القلب عن هيامي وغرامي وعشقي وهواي ، ولو كنتُ إعلاامياً لأظهرتُ بالصور ذلك الهوى لتلك النفوس ليراه كل الورى وفي مختلف البلدان ، في لوحاتٍ زاهية أُطرت بالورود وعطرت بعبير العشق الذي لا يشتمه إلا من جرب الحب والهوى مثلي ، عشقي ليس وليد اليوم بل قد أكون عاشقاً قبل أن أرى الحياة ، نعم لقد تغذيت الحب وأنا في رحم أمي وشربت العشق من حليبها الطاهر الذي أرضعتنيه وأنا في أحضانها ، وقبل ذاك شعت أنوار الود وأنا في عالم الذر ، فتلقيت تلك الأنوار لتبقى معي إلى أن صرت إنساناً أعبد رب العباد وأتبع خير الأنام والذي أمره معبوده بأن يبلغ لكل الأنام قائلاً له قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى 23 الشورى
فصرت منذ ذلك الزمان هائماً في عشقهم مستمداً شعاع الود من جمال نفوسهم ، هائماً في غرامهم متغزلاً في عظيم خُلقهم لا أعبأ بالعذال ولا يهمني الملام لكن لم أبدي ذلك الحب على حقيقته كما هو الآن فأنا الآن قررت أن أسر جدار الصمت وأنادي يا آل بيت رسول الله أنا هائمٌ في ودكم وعاشقٌ لأنواركم فأنتم من عرفني كيف الوصول لرب العباد ، وأنتم من هداني إلى العمل بدستور الحياة لأكون غداً من الناجين من غضب الجبار والداخلين في جنة الرحمن وسأبقى على هذا الحال إلى أن أوارى الثرى وللعذال أقول سلاماً سلاماً