جبرائيل عليه السلام
هو الملك الموكل بركن الخلق والإيجاد وهو الروح الأمين وأمين الوحي، له جهة وأجنحة عقلانية يطير بها في الجهات العقلية، ويتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها، وله جهة وأجنحة نفسانية يطير بها في الجهات النفسانية ويتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها، وله جهة وأجنحة جسمانية يطير بها في الجهات الجسمانية ويتبعه في تلك الجهات أعوانه المجانسون لها، فهذه ثلاثة أركان لجبرائيل عليه السلام، يتصرف بها كما أمره الله في العوالم الثلاثة عالم الجبروت وعالم الملكوت وعالم الملك، وهذه العوالم الثلاثة هي مجموع عالم الخلق.
وجبرائيل عليه السلام من الروحانيين الذين لا يدرك وصفهم إلا الله تعالى، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال عن جبرائيل: فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم ولا صفتهم إلا الله رب العالمين، وهو من أقرب الملائكة إلى الله، ففي خبر المعراج قال جبرائيل عليه السلام: أقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله تبارك وتعالى اختار من كلّ شيء أربعة، اختار من الملائكة جبرائيل و ميكائيل وإسرافيل وملك الموت.
وأما ما جاء في صفة جبرائيل وقوّته وعظمته، ففي حديث عبدالله بن سلام، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: فأخبرني عن جبرائيل في ذي-زي-الإناث أم في ذي-زي-الذكور؟ قال: طعامه التسبيح وشرابه التهليل، قال صدقت يا محمد، قال فأخبرني ما طول جبرائيل، قال: إنه على قدر بين الملائكة ليس بطويل العالي ولا بالقصير المتداني، له ثمانون ذؤابة وقصة جعدة، وهلال بين عينيه، أغر، أدعج يخجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل،له أربعة وعشرون جناحاً خضراء مشكبة بالدّر والياقوت، مختمة باللؤلؤ، وعليه وشاح بطانته الرحمة، ازاره الكرامة ظهارته الوقار، ريشه الزعفران- وفي نسخة ورأسه الزعفران- واضح الجبين أقنى الأنف، سايل الخدين مدور اللحيين، حسن القامة، لا يأكل ولا يشرب، ولا يمل ولا يسهو، قائم بوحي الله إلى يوم القيامة، قال: صدقت يا محمد.
وعن ابن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم قال لجبرئيل: أحب أن أراك في الصورة التي تكون فيها السماء، قال: إنّك لا تقوى على ذلك، قال: لا بدّ لي من ذلك، فقسم عليه بخاتم النبوّة، فقال جبرئيل: أين تريد ذلك؟ قال بالأبطح، قال: لا يسعني، قال بمنى، قال: لا يسعني، قال بعرفات قال: لا يسعني، ولكن سر بنا إليه، فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عرفات، وإذا هو جبرائيل بعرفات بخشخشة وكلكلة قد ملأ ما بين المشرق والمغرب، رأسه في السماء ورجلاه في الأرض السابعة، فخّر مغشياَ عليه، فتحول جبرائيل بصورته الأولى، وضمه إلى صدره، وقال: يا محمد لا تخف أنا أخوك جبرائيل، فقال: يا أخي ما ظننت أن الله خلق خلقاَ في السماء يشبهك، قال: يا محمد لو رأيت إسرافيل الذي تحت العرش ورجلاه تحت تخوم الأرض السابعة، واللوح المحفوظ بين حاجبيه، وأنه إذا ذكر اسم الله يبقى كالعصفور.
ولما نزل على النبي صلى الله عليه وآله: {إنه لقول رسول كريم ذي قوة} سأله النبي صلى الله عليه وآله جبرائيل عن قوته فقال: لما أمرني ربي أن أدمر مدائن لوط، حملت المدائن من الأرضين السابعة السفلى إلى السماء حتى سمع أهل السماء صياح ديكتهم، بريشة واحدة من جناحي، أنتظر أمر ربي إلى الصبح.
وسأل حمزة النبي صلى الله عليه وآله يوماً، أرني جبرائيل؟ فقال: اسكت، فألح عليه، وإذا بجبرائيل قد نزل إلى النبي صلى الله عليه وآله: في تلك الساعة، فقال: اللهم اكشف عن بصر حمزة، فقال أنظر فنظر، وإذا قدماه كالزبرجدـ فخّر مغشياَ عليه فعرج جبرائيل، بعد أن بلغ، فقال: يا حمزة وما رأيت؟ فقال: هيهات يا سيدي أن أتعاهد هذا الفعل.
في عدد أجنحته وصفاتها وخواصها وما كتب فيها:
ففي قصص الأنبياء في صفة جبرائيل عليه السلام قال كعب: إنه أفضل الملائكة وهو الروح الأمين له شبه أجنحة في كل جناح مائة جناح، وله من وراء ذلك جناحان أخضران لا ينشرهما إلا في ليلة القدر، وله جناحان لا يفرشهما إلا عند هلاك القرى، والأجنحة كلها من أنواع الجواهر.
وسُئل أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: {ولقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: رأى جبرائيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملأ ما بين السماء والأرض.
وسُئل عبدالله بن مسعود {ولقد رآه نزلة أخرى}قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت جبرائيل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح يتناثر من ريشه أكبار الدّر والياقوت.
وروي أن جبرائيل نزل على محمد صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد تريد أن أريك بعض حظك ومنزلتك من الجنة؟ فقال: بلى يعني نعم، فكشف له عن جناح بين أجنحته وإذا هو أخضر عليه نهر عليه ألف قصر من ذهب.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرائيل وقد نشر جناحه، فإذا فيها مكتوب، لا إله الله محمد النبي، ومكتوب على الآخر لا إله إلا الله علي الوصي.
ومن الكرامات التي خص الله تعالى بها جبرائيل عليه السلام، سُئل جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله ما معنى قول الله تعالى (ص)؟ قال ص، عين تنبع من تحت العرش، وعي التي توضئ منها النبي صلى الله عليه وآله لما عرج به، ويدخلها جبرائيل عليه السلام كل يوم دخلة، فينغمس فيها ثم يخرج منها فينفض أجنحته، فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكاً يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة.
وعن عبد الله بن عباس، قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء انتهى به إلى نهر، يقال له النور، وهو قول الله عز وجل: {جعل الظلمات والنور} فلما انتهى به إلى ذلك النهر، قال: له جبرائيل يا محمد اعبر على بركة الله، قد نور الله لك بصركن ومد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم أخرج منه، فأنفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكاً مقرباً، له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان يلفظ كلّ لسان بلغة لا يفقهها اللّسان الآخر.
وروي أنّ جبرائيل عليه السلام، واقف بين يدي الله ترعد فرائصه يخلق الله من كلّ رعدة مائة ألف ملك.
ومن أفضل الكرامات التي حظي بها جبرائيل عليه السلام أنّه صار من أهل البيت عليهم السلام فعن الحسن العسكري عليه السلام في حديث قال: فإنّ جبرائيل هو وعلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وقال: اللّهم هؤلاء أهلي، إلى أن قال وجاء جبرائيل مدّثراً وقال يا رسول الله اجعلني منكم، قال: أنت منا، قال: فأرفع العباء وأدخل معكم قال: بلى، فدخل في العباء ثم خرج وصعد إلى السماء إلى الملكوت الأعلى، وقد تضاعف حُسنه وبهاؤه، فقالت الملائكة: قد رجعت بجمال خلاف ما ذهبت به من عندنا، قال: فكيف لا أكون كذلك وقد شرّفت بأن جُعلت من آل محمد وأهل بيته، قالت الأملاك في ملكوت السماوات والحجب والكرسي والعرش حقّ لك هذا الشرف أن تكون كما قلت.
وهو عليه السلام أول من يبايع القائم عليه السلام عند خروجه، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ أول من يبايع القائم جبرائيل ينزل عليه في صورة طير أبيض، فيبايعه، ثم يضع رجلاً على البيت الحرام ورجلاَ على البيت المقدس، ثم ينادي بصوت رفيع يُسمع الخلائق أتى أمر الله فلا تستعجلوه .
اللهم أحيني حياة محمد وآل محمد . . اللهم امتني ممات محمد وآل محمد