[b][i][center][[ الدورة الدموية ]]
جاء في كتاب توحيد المفضل وهو جملة محاضرات وأمالي ألقاها الامام «ع» على تلميذه المفضل بن عمر الجعفي في إثبات التوحيد (1) من المسائل الطبية الجليلة ما لم يحلم بها الأطباء في ذلك العصر ، ولم يدركوها إلا بعد إثنى عشر قرنا عندما ظهر الاستاذ الدكتور ( هارفي ) الطبيب الشهير المعروف لدى الاطباء ( مكتشف الدورة الدموية ) ثم اكتشف ذلك الاكتشاف الذي افتخر به الغرب حتى جعله من معجزات عصر الاختراعات والذي قلب الطب ظهراً على عقب وهو في الحقيقة ولدى المتأمل المنصف اكتشاف كان قد ذكره الامام الصادق «ع» فى طي كلامه مع المفضل فلو نظرت إليه وتأملته لعلمت علم اليقين ، ان هذا المكتشف العظيم لم يأت بشيء جديد ولم يكن إلا عيالاً على ما قاله أبوعبدالله الصادق «ع» قبل عدة قرون .
(1) وقد شرحناه مفصلاً في أربعة أجزاء طبع منها جزأن والآخران تحت الطبع
( 29 )
وتأمل قوله حيث يقول :
فكر يا مفضل في وصول الغذاء إلى البدن ومافيه من التدبير ، فان الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق رقاق واشجة بينهما قد جعلت كالمصفى للغذاء لكيلا يصل إلى الكبد منه شيء ـ فينكأها وذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ، ثم أن الكبد تقبله فيستحيل فيها بلطف التدبير دما فينفذ في البدن كله في مجار مهيأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء حتى يطرد في الأرض كلها وينفذ ما يخرج منه من الخبث والفضول إلى مغايض أعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة الصفراء جرى إلى المرارة ، وماكان من جنس السوداء جرى إلى الطحال ، وماكان من جنس البلة والرطوبة جرى إلى المثانة ، فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن ووضع هذه الأعظاء منه مواضعها واعداد هذه الأوعية فيه لتحمل تلك الفضول ، لئلا تنشر في البدن فتسقمه وتنهكه فتبارك من أحسن التقدير وأحكم التدبير ( إنتهى ) (1) .
أقول : هكذا ورد عنه عليه السلام وهو صريح في بيان الدورة الدموية على حسب ماوصل اليه الطب الحديث بعد مدة تناهز الاثنى عشر قرنا وهذا مضافا إلى ما لوح فيه إلى وظائف الجهاز الهضمي ، والجهاز البولي ، وإلى وظيفة المرارة والطحال والكبد والمثانة . كما أنه «ع» أشار أيضا بقوله : لئلا ينتشر في البدن فيسقمه وينهكه ـ إلى ما أثبته طب القرن العشرين من التسمم البولي الحاصل من رجوع البول من المثانة إلى الدم عندما لم يخرج منها فينتشر بواسطة الدم في جميع أعضاء البدن فيسممه ويسقمه وإلى التسمم المعدي الحاصل من تعفن الفضلات المعدية والمعوية غير المندفعة منها والتي تحدث برجوعها إلى البدن وهي متعفنة فاسدة التهابات توجب تسممه وانتهاكه فتأمل .
(1) توحيد المفضل .