خطورة التمدد الشيعي
د. فخري مشكور.
أكثر من خمسين دولة اسلامية يسيطر عليها حكام سنـّة عملاء الولايات المتحدة الامريكية، ولم يشتك أحد من "عمالة السنة لأميركا"، لكن اشتراك الشيعة في النظام العراقي الجديد الذي أقامته اميركا عام 2003 قلـَبَ الموازين فضج المثقفون العرب بالشكوى من عمالة الشيعة لاميركا.
ما السبب؟
هل ان عمالة حكومة واحدة أكثر من عمالة خمسين حكومة؟
دعونا نفحص الامر.
* * *
حين تسيطر اميركا على بلد، فانها تضمن مع مصالحها- واحيانا قبل مصالحها- مصلحة اسرائيل.
مصلحة اميركا واسرائيل يضمنها الحكام نيابة عن اميركا بطرق متعددة وتحت شعارات مختلفة.
استقرار هذه الانظمة ضروري لقيامها بدورها في حماية الحليف الواجهة(اميركا) والحليف خلف الواجهة(اسرائيل).
مصالح اميركا تتمثل في النفط والممرات الستراتيجية والنفوذ والشركات.
ومصالح اسرائيل تتمثل في أمنها بالدرجة الاولى ثم مشروعها التوسعي من النيل الى الفرات بالدرجة الثانية.
لضمان مصالح اميركا لابد من توفر الاستقرار في الانظمة القائمة في منابع النفط، والتي تستضيف قواعدها في الخليج، ولحماية اسرائيل لابد من معاهدات سلام في الدول المحاددة لها.
من هنا يصبح أمن انظمة الخليج جزءا لا يتجزأ من أمن اميركا، ومعاهدات السلام ضرورية لأمن اسرائيل.
فاذا هدّد المصالح الامريكية شعبٌ خليجي، او هدّد امن اسرائيل مقاومة لبنانية، فان من "غير المناسب!" أن يقوم النظام الذي يحمي مصالح اميركا واسرائيل أن يعلن أنه يقمع ثورة الشعب خدمة لاميركا، أو ينزع سلاح المقاومة خدمة لأسرائيل.
لابد أن يكون السبب المعلن شيئا آخر يستحق أن يحشد له الاعلام والمثقفين والشيوخ والجهاديين لكي يكتسب صفة مشروعة وقانونية و...أخلاقية ايضاً.
ليس أفضل من الطائفية لباسا يغطي عورات اصدقاء اميركا واسرائيل الذين يخافون على عروبة الخليج من النفوذ الايراني، وعلى سنة لبنان من سلاح حزب الله.
ومن هنا يأتي من نعرف "أصله ونسبه السياسي" وحرصه على حق "الجار الاسرائيلي" ليدق ناقوس الخطر محذرا من الهلال الشيعي.
ومن هنا تحذّر أفواهٌ واقلامٌ يعرف الجميع مصادر تمويلها من نفس الخطر: التشيعّ! يا ناس ان التسنن في خطر!!
هذه الاصوات "السنية" لا تمثل السنة، بل تشوه سمعة السنة وتصنفهم –عند النظرة الساذجة- الى عملاء لاميركا واسرائيل، وحاشا السنة ان يكونوا كذلك.
السنة ليسوا حلفاء اميركا ، واميركا ليست حامية للسنة، لكن عملاءها طبقة سياسية ربطت مصيرها ومصالحها باميركا واسرائيل واشترت الاعلام والمنابر الثقافية لتزج السنة والشيعة في حرب طائفية علـّها تمرر الاجندة الخارجية الحقيقية التي تحرك الوكلاء "الحريصين على التسنن والعروبة!".
وثائق ويكيليكس التي كشفت عن سعي السعودية وفريق 14 آذار –في لقاءاتهم مع السفير الامريكي- لإطالة الحرب حتى ينهزم حزب الله تكشف الوجه الامريكي للذين يحذرون السنة من "التمدد الشيعي"! في لبنان والبحرين.
وحافظ الميرازي الذي طردته قناة "الجزيرة" القطرية وقناة "العربية" السعودية قضية تستحق الانتباه لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد.
والفضائيات التي تعارض وجود القواعد الاميركية باستثناء قواعد العديد والسيلية، وتتبنى حقوق الانسان باستناء الانسان الخليجي، وتدعم الثورات الشعبية باستثناء ثورة البحرين..قضايا تستحق التفكير علـّنا نعرف الجهة التي يهددها "التمدد الشيعي" .
التمدد الشيعي شعار رائع يمنح عملاء اميركا واسرائيل وجها "سنيا" مشرقا، وصوتا "عروبيا" عالياً، ولسانا طويلا يتهم كل من يقف بوجه المشروع الامريكي الاسرائيلي بالطائفية فيكهرب ويشل من يفكر بنصرة شعب البحرين أو يدافع عن حزب الله، سنيا كان ام شيعيا، خشية أن يتهم بالطائفية.