أحمد الغريب
تفاصيل اللقاء السري بين وزير الخارجية البحريني وقادة المنظمات الصهيونية في أمريكا!
علي ما يبدو أن إسرائيل قررت المضي قدماً في تنفيذ خطتها الرامية للتطبيع مع بعض الدول العربية بهدف إضفاء الشرعية علي وجودها علي الرغم من أن ذلك يتنافي مع القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل دون التوصل لاتفاق حقيقي بينها وبين الفلسطينيين.
كشفت مصادر إعلامية عبرية النقاب عن بوادر حدوث انفتاح من قبل مملكة البحرين علي إسرائيل في أعقاب زيارة وصفتها تلك المصادر بالسرية قام بها وزير خارجية البحرين لمقر حركة حباد الدينية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية. وأشار موقع حركة حباد علي شبكة الإنترنت إلي قيام وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن حمد الخليفة بالمشاركة في عشاء سري في مقر الحركة بواشنطن وبحضور سفيرة البحرين اليهودية هدي عزرا نونو. حضر حفل العشاء عدد من قادة المنظمات اليهودية في أمريكا بمقر مركز ليفوفيتش التابع لحركة حباد الدينية في واشنطن. كان من المقرر إحاطة هذا اللقاء بسرية تامة وعدم الإفصاح عنه في وسائل الإعلام العالمية لكن جري تسريبه عن قصد من قبل بعض الحضور اليهود.
وذكر الموقع العبري أن اللقاء حضره شخصيات يهودية بارزة في أمريكا من بينهم وليم داروف نائب رئيس الاتحاد اليهودي في أمريكا الشمالية، مشيراً إلي أنه كان من وراء الإفصاح عن اللقاء السري مع وزير الخارجية البحريني بعد أن قام بإضافة تعليق عبر صفحته الخاصة في موقع تويتر قال فيها أنه ذاهب للعشاء مع أحد السفراء اليهود في أمريكا، وأشار مراسل الموقع: إنه قرأ تلك الرسالة وفهم أن الحديث يدور عن سفيرة البحرين اليهودية لدي واشنطن هدي نونو ووصفها بأنها أول دبلوماسية يهودية من دولة عربية تشغل هذا المنصب، كاشفاً النقاب عن قيامها بأداء الصلوات اليهودية بشكل دائم في المعبد التابع لحركة حباد بواشنطن. كما أشار المراسل إلي أنه قام بالاتصال بالحاخام ليفي شم طوف ممثل حركة حباد في واشنطن لإطلاعه علي بعض تفاصيل اللقاء مع السفيرة البحرينية، فإبلاغه أن هناك لقاء مهما للغاية سيعقد مع شخصية عربية بارزة داخل مقر الحركة لكن يجب عدم خوض الحديث فيه بوسائل الإعلام ويجب تركه بعيداً عن الأضواء، لكن وبعد مرور ساعة من الوقت أفصح له عن هوية الشخصية العربية وأبلغه بأنه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن حمد آل خليفة.
وقال مراسل الموقع أن وزير خارجية البحرين بحث مع الشخصيات اليهودية التي حضرت حفل العشاء السري العديد من القضايا وكان علي رأسها قضية السلام في منطقة الشرق الأوسط. وأكد رون كومفياس مراسل وكالة الأنباء اليهودية الأمريكية JTA انعقاد اللقاء اليهودي البحريني وقال إنه علي الرغم من اتخاذ قرار بفرض طوق من السرية علي انعقاده إلا أن كل ما دار خلال هذا اللقاء جري تسريبه لوسائل الإعلام.
وتحدث مراسل الوكالة عن مشاركة كبار ممثلي اللوبي اليهودي وأعضاء بارزين من منظمة إيباك واللجنة اليهودية الأمريكية ومنظمة بني بريت بالإضافة إلي مندوب عن اللجنة الأمريكية اليهودية لمكافحة التشهير وبمشاركة شخصيات يهودية نافذة في واشنطن.
ونقل مراسل الوكالة بعض التصريحات التي أدلي بها وزير الخارجية البحريني خلال اللقاء السري والتي قال فيها ": علي الجميع أن يدرك أن إسرائيل لها وجود تاريخي في منطقة الشرق الأوسط وأنها موجودة هناك في تلك المنطقة وللأبد، وكذلك قوله: "حينما يدرك الآخرون تلك الحقائق فإنه سيكون من السهل التوصل للسلام بين دول المنطقة وإسرائيل. وأشار إلي أن تصريحات من هذا القبيل سبق وأن صدرت عن الوزير البحريني وبشكل علني ومنها تصريح نسب إليه قال فيه: إنه قد حان الوقت الذي بات فيه بإمكان الإسرائيليين زيارة البحرين.
جمود في عملية السلام!
جاء هذا اللقاء السري الذي ما إن أنفض حتي فضحته وسائل الإعلام الإسرائيلية واليهودية، في الوقت الذي تناقلت فيه وسائل الإعلام العربية تصريحات لمسئولين بحرينيين من بينها وصف ولي العهد البحريني ونائب القائد الأعلي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة العملية السلمية في الشرق الأوسط بالجامدة وأنها لم تحقق المبتغي منها والمتمني، وذلك لأن القادة هم الذين يصنعون السلام والشعوب تستجيب لذلك. وتأكيده خلال لقاء أجراه مؤخراً مع رئيس مجلس الشرق الأوسط للسلام في الولايات المتحدة والوفد المرافق إن تراجع دور الشريك الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني داخل البيت الواحد بين طرفي المعادلة فتح وحماس أديا إلي توقف الأمل الذي أطلقه الرئيس باراك اوباما في تحريك عملية السلام وتحقيقها العام الماضي، وحديثه خلال اللقاء عن أن انطباعا عاما لدي الدول العربية قد أنتجته الظروف الراهنة مفاده بأن إسرائيل غير جادة في عملية السلام.
وراح يتحدث خلال اللقاء عن أن ثوابت مملكة البحرين التي أرسي دعائمها والده تقوم علي حتمية تحقيق السلام في الشرق الأوسط الذي هو هدف استراتيجي لكل شعوب المنطقة ويحقق الأمن للجميع، وضرورة وضع آلية للتعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التطرف والإرهاب وتحقيق الأمن ومنح الفرصة لشعوب المنطقة للاستفادة من ثرواتها وتحقيق تنميتها، معتبرا إيجاد آليات بين دول المنطقة والحلفاء الغربيين لتحقيق ذلك ضرورة.
وكان ولي عهد البحرين قد نفي في السابق أن تكون بلاده بصدد إقامة أية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وأكد التزام البحرين بقرارات القمة العربية المبنية علي مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز والتي تشترط إعادة الأراضي العربية المحتلة مقابل التطبيع الدبلوماسي، في معرض رده علي تقارير إعلامية إسرائيلية وغربية تحدثت عن وجود اتصالات بين البحرين وإسرائيل ستفضي إلي إقامة علاقات دبلوماسية بين المنامة وتل أبيب، في أعقاب الإعلان البحريني عن رفع الحظر علي البضائع الإسرائيلية للدخول إليها، وذلك وفقا للاتفاقيات الدولية التي أبرمتها البحرين والتي يأتي علي رأسها انضمامها لمنظمة التجارة العالمية واتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
دعوة بحرينية للتواصل مع الإسرائيليين
يشار إلي أن ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة كان قد دعا نهاية العام الماضي في مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية القادة العرب إلي التوجه إلي الإسرائيليين من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية لتسهيل جهود السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، قائلاً: نحن العرب، لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي، وعلينا أن نتقدم الآن نحو سلام حقيقي من خلال التشاور مع شعبنا وتوعيته، وكذلك من خلال مد اليد إلي الشعب الإسرائيلي لتسليط الضوء علي فوائد السلام الحقيقي، وأكد "لكي نكون فاعلين، علينا أن نعترف بأنه، وكما هي الحال بالنسبة لباقي الشعوب، فإن النافذة الرئيسية التي يطل منها الإسرائيلي العادي علي الخارج، هي وسائل الإعلام الوطنية أو المحلية". واعتبر أن "مهمتنا هي بالتالي أن نقوم برواية تاريخنا بصورة مباشرة للإسرائيليين وتمرير رسالتنا إلي وسائل إعلامهم، رسالة تعكس آمال غالبية العرب وتؤكد ان السلام خيار استراتيجي بالنسبة لنا، وتقدم المبادرة العربية للسلام بوصفها السبيل لتحقيقه".
كما سبق وأن التقي ولي عهد البحرين مسئولين إسرائيليين خلال المنتدي الاقتصادي العالمي في 2000 و2003 وفي 2007 من بينها لقاء غير رسمي في الأردن مع وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم في حينه، علي هامش المنتدي الاقتصادي العالمي في البحر الميت. والتقي وزير الخارجية الشيخ خالد بن حمد آل خليفة نظيرته الإسرائيلية حينها تسيبي ليفني في الأمم المتحدة، وفي أكتوبر من العام الماضي اقترح الشيخ خالد تشكيل منظمة إقليمية تضم إسرائيل من اجل التوصل إلي السلام. وقال: إن علي إسرائيل وإيران وتركيا والدول العربية أن تنضم إلي هذه المنظمة. وتساءل: "ألسنا جميعا أعضاء في منظمة اسمها الأمم المتحدة علي أساس عالمي؟ لماذا ليس علي أساس إقليمي؟ هذا هو السبيل الوحيد لحل مشاكلنا. ليس هناك من طريق آخر لحلها اليوم أو بعد 200 سنة".
دلالات تعيين سفيرة يهودية للبحرين في واشنطن
كما سبق وأن أثار قرار تعيين اليهودية البحرينية هدي نونو سفيرة لمملكة البحرين في الولايات المتحدة الأمريكية جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والإعلامية البحرينية والعربية حول دلالات هذا التعيين والرسائل السياسية التي تقف من ورائه. حيث اعتبر بعض المراقبين أن تعيين نونو هو رسائل غزل لواشنطن وتل أبيب في حين يري آخرون أن ذلك يعد مؤشرا علي الإصلاح والانفتاح أصبح اليهود نادري الوجود في العالم العربي، حيث يبلغ عددهم الإجمالي أقل من عشرة آلاف شخص، منتشرين بين المحيط الأطلسي والخليج العربي. ويعيش في البحرين علي وجه التحديد سبعة وثلاثون يهوديًا من بين خمسمائة وثلاثين ألف نسمة يعتنقون ديانات أخري. وفي حينه أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية سعادتها بالقرار الذي أصدره عاهل البحرين الملك »حمد بن عيسي آل خليفة« بتعيين يهودية في منصب سفيرة البحرين لدي واشنطن، ووصف جاي باخور أحد خبراء الشئون العربية في تل أبيب ومدير موقع جي بلانت الإسرائيلي الإخباري، قرار عاهل البحرين بأنه يحمل في طياته دلالات مهمة وأنه يأتي ضمن محاولات للاستعانة باليهود الذين ما زالوا يقيمون في الدول العربية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقال باخور: إن منصب السفير لدي واشنطن يعد من أهم المناصب السياسية في البحرين، ونوه إلي أن السفيرة الجديدة تدعي »هدي عزرا نونو« 43 عاماً من مواليد البحرين ، وذات أصول عراقية، هاجرت أسرتها اليهودية من العراق إلي البحرين خلال فترة الانتداب البريطاني.
دعوات متناقضة وغريبة
الغريب أن اللقاء السري الأخير بين وزير خارجية البحرين مع قادة المنظمات اليهودية الأمريكية جاء بالتزامن مع تصريحات أدلي بها الدكتور صلاح سلطان مستشار مجلس الشئون الإسلامية البحريني والتي دعا فيها الدول العربية والإسلامية باتخاذ موقف صارم ضد التهويد بأرض فلسطين والمسجد الأقصي، وإلا فستضيع مقدسات الأمة الإسلامية في فلسطين وذلك في معرض حديثه عن قيام إسرائيل بالإعلان عن الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل الفلسطينية ضمن المناطق التاريخية التابعة للتراث اليهودي. فهل يندرج هذا اللقاء السري الذي فضحته وسائل الإعلام الإسرائيلية واليهودية بالصور بين - أرفع - مسئول دبلوماسي بحريني مع قادة يهود وحديثه عن أبدية الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن الموقف الصارم الذي حدثنا عنه المسئول البحريني السالف الذكر، أم أن حديثه كان مجرد حديث مجالس؟ مجرد سؤال.
:::::
جريدة الوفد، القاهرة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بواسطة مجموعة لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]