ترسم أحدث التقارير الطبية صورة موحشة وكئيبة لداء السكر
الذي خرج عن السيطرة كما يقول تقرير صادر عن الاتحاد العالمي لجمعيات مرضى
السكر بعد أن تجاوز عدد المصابين به ثلاثمائة مليون نسمة على مستوى
العالم.
الهدف من أي دراسة طبية حول مرض السكر وطرق الوقاية منه أو علاجه يكمن في
التركيز على الأصناف الغذائية التي تضمن الحفاظ على معدلات سكر الدم ضمن
الحدود المقبولة، وفي الوقت نفسه تحافظ على الوزن بعيداً عن البدانة
ومشاكلها، فهي أساس كل المخاطر الصحية.
وتقول الجمعية الأميركية لأطباء السكر ان في إمكان المصاب بالنوع الثاني من
هذا المرض الاستمتاع بمعظم الأصناف الغذائية المتوافرة في الأسواق، لكن
بالإكثار من بعض هذه الأصناف والتقليل من البعض الآخر مع اتباع أسلوب نشط
في الحياة.
ومن أكثر الأخطاء الشائعة حول مرض السكر اعتقاد الأغلبية بضرورة امتناع
المصابين به عن تناول الأصناف السكرية على اختلاف أنواعها، لكن الحقيقة
ليست كذلك بالضبط، فالمسألة بالنسبة لمريض السكر ليست بهذه البساطة لأن من
المستحيل القطع بين السماح والمنع.. كل هذا ولا تأكل ذاك، لأن المهم فعلاً
هو الاعتدال في الطعام والشراب والحرص على أن يكون الطعام وكذلك الشراب
متوازناً من الناحية الغذائية.
ويجمع المتخصصون على التقدم بنصيحة ذهبية بسيطة لمريض السكر: خفف ما اعتدت
تناوله من النشويات، واحرص على أن تكون النشويات التي تتناولها غنية
بالمغذيات والألياف وتلك المصنوعة من الحبوب الكاملة، وفي الوقت نفسه الجمع
بين هذه الأصناف والأطعمة البروتينية كاللحوم والأسماك والجبن واللبن
والفاصوليا.. لكن المهم جداً هو الاعتدال في حجم الوجبة.
فالإصابة بالسكر كما هو مثبت طبياً لا تعني بالضرورة الامتناع تماماً عن
تناول الحلويات والنشويات، لكن الاعتدال في ما يمكن تناوله منها هو المهم
لأن الحلويات على اختلاف أنواعها غنية جداً بالسعرات الحرارية التي ترفع
معدلات السكر في الدم، وهي في الوقت نفسه فقيرة بالفيتامينات والمعادن وغير
ذلك من المغذيات الضرورية للجسم، كما أن النشويات تتحول بعد هضمها إلى سكر
الغلوكوز.
ويقول الأطباء إن السكر مفيد وضروري للجسم لكن بشرط ألا تتجاوز كميته الحدود المقبولة حتى لا يرفع مستوى السكر في الدم بصورة كبيرة.
ويضيف هؤلاء ان في الإمكان الاستعاضة عن السكر في الحصول على السعرات الحرارية اللازمة من الفواكه والخضروات والدقيق واللحوم.
وفي حال الرغبة في تناول كمية قليلة من الحلويات، ينصح الأطباء بتناولها مع
الوجبات وليس بصورة منفصلة أو باعتبارها وجبة خفيفة. وفي هذه الحالة يفضل
الاستغناء عن الأصناف النشوية في الوجبات الرئيسية، حتى لا يصبح الضرر
مضاعفاً.
وتؤكد الدراسات والتجارب أن تناول الحلويات بمفردها يرفع معدل السكر في
الدم بصورة شبه فورية وعالية لكن تناولها مع الوجبات يبطئ مفعولها.
وبالنسبة للحلويات أيضاً، ينصح الأطباء بتناولها على مهل ومن دون تسرع بحيث
يتم الاستمتاع بكل لقمة منها وكأنها اللقمة الوحيدة التي سنتناولها.. ومن
شأن الإبطاء في تناول الحلويات أن نرفع معدل السكر في الدم بصورة تدريجية
وضمن حدود معقولة، بالإضافة إلى أن هذه الطريقة تجعلنا نكتفي بقدر محدود
منها، إذا لم نكن قادرين على التحكم في الكمية من البداية.
في الجزء الأول من هذا الموضوع تناولنا ما ينصح الأطباء مريض السكر بتناوله
من طعام أو شراب، أما اليوم فسوف نركز على ما يجب تجنبه أو التقليل منه،
وذلك على النحو التالي:
السباغيتي والمعكرونة
هذه الأصناف وغيرها من المعجنات مصنوعة من الدقيق الأبيض أو الرز الأبيض
وغيرهما من النشويات المكررة، وهي كلها ترفع مستويات السكر في الدم.
وفي الإمكان الاستعاضة عنها بالمعكرونة والسباغيتي المصنوعتين من الدقيق المتكامل أو الرز البني.
الكافيين
على الرغم من أن عشرات الدراسات تؤكد أن للكافيين فوائد صحية كبيرة، هناك
من بين العلماء من يقول إن هذه المادة تفيد مرضى السكر، لكن آخرين يقولون
العكس.. وإلى أن يتم التأكد من هذا الرأي أو ذاك ينصح الخبراء المتخصصون
مرضى السكر بالتقليل من القهوة، ومعها الأصناف الغذائية التي يدخل الكافيين
في تركيبها.
الخبز الأبيض
من المهم جداً لمريض السكر الابتعاد قدر الإمكان عن الخبز الأبيض، وحين
نقرأ على كيس الخبز أو كيس الطحين عبارة: دقيق القمح أو all-purpose flour
فنحن أمام محاولة للتمويه إذ لا فرق بينهما والدقيق الأبيض المكرر الذي يجب
الابتعاد عنه.
الحلويات
الحلويات المصنوعة من الدقيق الأبيض والسكر الأبيض على اختلاف أنواعها هي
الخطر الأكبر والضرر الذي يصعب إصلاحه، فهي فقيرة بالعناصر الغذائية الصحية
والمفيدة لكنها تُشعر من يتناولها بالامتلاء.
وبالإضافة الى الحلويات المعروفة يستحسن بمريض السكر التقليل مما يتناوله
من التين والتمر والفواكه الحلوة كالبطيخ بالإضافة الى الآيس كريم.
السكر الاصطناعي
تنتشر في الأسواق أنواع كثيرة من السكر الاصطناعي اعتقاداً من الغالبية بأن
هذه المحليات لا ترفع مستوى السكر في الدم، لكن في المقابل هناك من يشكك
في صحة هذا الرأي، وبالطبع فالنقاش حول الموضوع لا يزال بلا نهاية.
وفي تقرير حديث لمستشفى «مايو كلينيك» الشهير يتبين أن كل الأصناف الغذائية
التي يقال إنها خالية من السكر هي في الحقيقة تحتوي على مكونات نشوية تعمل
على رفع معدل السكر في الدم.
لتخفيف الاعتماد على السكريات
لا بد من اتباع مجموعة من الخطوات الضرورية مثل:
• التخفيف التدريجي لكمية الحلويات التي اعتدنا على تناولها.
• التقليل قدر الإمكان، إن لم يكن الامتناع نهائياً عن تناول المشروبات الغازية والعصائر المحلاة ومشروبات الطاقة.
• خفض نسبة السكر في الحلويات التي يتم إعدادها في المنزل.. فإذا كانت
الوصفة تنص على إضافة فنجان من السكر على سبيل المثال، فما المانع من
الاكتفاء بثلاثة أرباع الفنجان؟ وفي هذه الحالة يمكن الاستعاضة عن السكر
المحذوف بإضافة القرفة أو الجوز أو الفانيلا.
• بالنسبة لعشاق البوظة والآيس كريم، يمكنهم استبدالها بالحليب مع الموز أو بالشكولاتة السوداء.
الأصناف الدهنية
على مريض السكر الامتناع قدر الإمكان عن تناول أي صنف غذائي يحتوي على دهون مشبعة أو دهون تحويلية.
وحين نقرأ على علبة هذا الصنف أو ذاك عبارة Zero trans fats أو عبارة Zero
saturated fats فالحذر الشديد مطلوب، لأن هذه الكلمات تخفي غير ما تظهر،
فالمقصود هنا أن هذه الأصناف تحوي دهوناً تحويلية أو دهوناً مشبعة لكن أقل
من الحد الأدنى.
ومن العبارات التي يساء فهمها ما نقرأه على أكياس المثلجات أو حاوياتها مثل
«مهدرجة جزئياً»، والواقع يؤكد أن هذه الأصناف تضر بالصحة خاصة بالنسبة
لمريض السكر.
الرز الأبيض
من المهم جداً بالنسبة لمريض السكر تجنب الرز الأبيض ذي القشرة المزالة.
المشروبات الباردة
من المهم جداً بالنسبة لمريض السكر تجنب المشروبات السكرية مثل العصائر ومشروبات الطاقة ومعظم أنواع المشروبات الغازية.
البطاطا
يستحسن التقليل من تناول البطاطا ويفضل الاكتفاء بالبطاطا المشوية أو المسلوقة وتؤكل مع البروتينات.
السكر.. حقائق وخرافات
• يجب الامتناع نهائياً عن تناول الحلويات مهما كانت المغريات.
- غير صحيح.. فالطب الحديث أثبت أن في إمكان مريض السكر تناول الحلويات،
لكن ضمن الحدود المعقولة مادام تناولها يكون ضمن خطة غذائية صحية ومتكاملة،
فالحلويات ليست للشبع وملء المعدة.
• من المهم جداً التركيز على الأصناف الغذائية الغنية بالبروتين.
- يحتاج الجسم لكي يعمل بشكل صحيح للثلاثي المفيد: البروتينات والنشويات
والدهنيات، ولذلك ليس من المنطقي التركيز على أحدها وترك آخر.. وقد أثبتت
التجارب والدراسات أن تناول كميات كبيرة من الأصناف الغنية بالبروتين،
وبالذات البروتينات ذات الأصول الحيوانية قد يؤدي في الواقع إلى تعطيل عمل
الأنسولين.
• يجب العمل على خفض ما يتم تناوله من النشويات بصورة كبيرة.
- من المهم جداً أن يحرص مريض السكر على اتباع نظام غذائي متكامل ومتوازن..
فنوعية وطبيعة النشويات في الطعام وكمية هذه النشويات مسألتان في غاية
الأهمية، مما يعني ضرورة الحرص على تناول الحبوب النشوية لأنها مصدر جيد
للألياف كما أن عملية هضمها تتم في بطء، وبالتالي يحافظ معدل السكر في الدم
على مستويات معقولة ومقبولة.
• لن يكون في إمكان مريض السكر أن يأكل بصورة طبيعية.
- الفكرة من ضرورة اعتماد نظام غذائي صحي تبقى كما هي بالنسبة لمريض السكر ولغيره.
ومن المهم جداً تأكيد حقيقة أن المأكولات التي تباع في الأسواق على أنها
مخصصة لمرضى السكر، وهي بالمناسبة مرتفعة السعر، لم تعط أي نتيجة تستحق
الذكر.
ففي الإمكان تحقيق نتيجة أفضل ألف مرة من خلال تناول المفيد وتجنب الضار في
الوجبات العادية مع الأهل والأصدقاء بشرط الاعتدال والابتعاد عن التخمة.
اختلافات
من المهم جداً أن يعرف الجميع أن ما يصلح لمريض ما بالسكر قد لا يصلح
لغيره، وما يفيد هذا قد يضر ذاك لأن ردود فعل كل جسم ل.ح.مية معينة او
عقاقير بذاتها قد تختلف بين الناس فالجنس والسن وأسلوب الحياة كلها عوامل
رئيسية تلعب دوراً في هذا الشأن.
الحركة
تتطلب مواجهة مرض السكر اتباع أسلوب نشط في الحياة بعيداً عن الخمول، فمن
الثابت طبياً أن النشاط الجسدي يساعد كثيراً في التصدي للسكر ويقلل
الدهنيات في الدم (الكوليسترول والدهون الثلاثية)، ويحافظ على وزن صحي.
تناولوا السمك
ينصح الأطباء بالإكثار من تناول السمك وبمعدل ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل
لأن الأسماك على اختلاف أنواعها غنية بالدهنيات الحمضية المسماة «أوميغا
3» وهي مفيدة جداً لصحة القلب والدماغ، كما أنها تحارب الالتهابات.
البدانة
تعتبر البدانة عاملاً رئيسياً للإصابة بالسكر، وتقول التقارير إن احتمال
إصابة البدينين بالسكر تبلغ ثلاثة أضعاف احتمالات إصابة غيرهم
بالمرض